ربما خضنا حربا بشكل او اخر ضد هذا الفيروس المدمر اللعين، بل خضنا عشرات الحروب في آن واحد، خضنا حربا امام انفسنا وقناعاتنا، ربما لم يصدق الكثير منا هذا الامر برمته، وربما اعتقد الكثيرون ان الامر لا يعدو كونه فيروس صغير عادي الأثر كأي شكل من أشكال الرشح، ورأى آخرون في الأمر مؤامرة كونية تستهدفنا جميعا كمسلمين وعرب ( رغم أن الحدث عالمي)، ورأى اخرون ان الامر ليس الا لعبة سياسية واقتصادية عالمية، إذ قررت دول كبرى، وشركات كبرى أن تضاعف ارباحها على حسابنا، من خلال بيع العلاجات واللقاح وغيره، في الامر مالا نعرف، وفيه مالا يمكن التنبؤ به ومعرفته.
نعم، لقد خضنا عشرات الحروب امام انفسنا، كان اصعبها ربما الحرب امام (الوحدة)، فلقد جلسنا في بيوتنا وقتا طويلا، كان كافيا لمراجعة كل شيء، البعض استثمره كما يجب، في القراءة والتعلم الإلكتروني، والبعض لجأ إلى اسهل الطرق وايسرها، الاستسلام إلى الرغبات البسيطة، والركض خلف المتعة بأي شكل، حتى لو كانت الكترونية، من خلال الالعاب.
في هذه المتاهة الطويلة، فعلنا كل شيء، ركضنا خلف الخبز والكمامات والحاجات الأساسية، وركضنا أيضا هربا وخوفا من وقوعنا في شباك هذا الفيروس اللعين، حاربناه بالتباعد، والكمامات، ودوخناه بروائح المعقمات والمنظفات، ولكنا من حيث لا ندري كنا نعمق وحدتنا، وكنا نضاعف حجم الخوف والقلق.
اليوم بعد مرور ستة أشهر على بداية هذه الحروب، نقف حائرين، ونتساءل ، هل انتصرنا ؟! أم أن الحروب اطول من اعمارنا، كأنها داحس جديدة وغبراء عصرية، تعصف بنا، تستهدف وعينا وإيماننا، تستهدف استقرارنا وامننا النفسي والصحي والاقتصادي.
في هذه المعارك الطاحنة ربما نهتدي إلى نقاط قوتنا وضعفنا، هانحن نعترف كم كانت تنقصنا المهارة والكفاءة والخبرة! ها نحن نعترف بعجزنا وقلة حيلتنا، ها نحن نعترف بحاجتنا إلى الحرية والعدالة وتعزيز العلم، ها نحن نعترف بنقصنا الكبير وحاجتنا الشديدة إلى الآخر، أي آخر، الاخ والصديق والجار، ها نحن نرفع ايدينا ونقر أننا أمة بحاجة إلى الكثير من الإلتزام والمعرفة والعلم، نعم نحن بحاجة ماسة وكبيرة إلى العلم.