بالأمس القريب وحين وصلت المنتجات الأردنية و فواكه الصيف إلى أبو ظبي تخاطفته الإيدي وفرغت الأرفف بسرعة قياسية ، و اللافت أن هذه المنتجات القابلة للتلف أصبحت ببعض الجهد متاحة، هذا يستدعي تعظيم الاستثمار في الإنتاج الزراعي المرغوب والمضمون ربحياً، وهي منتجات تحتاج إلى التركيز على إنتاجها بجانب حسن التنظيم والتوضيب.
الاهتمام الملكي كان واضحًا حيث الزيارات المتتالية وقضاء ساعات طويلة في أحد مصانع الألبان المميزة وأخرى في المحطات والمزارع النموذجية، وهي أمور تتطلب أن تحاكي الحكومة الاهتمام الملكي بإعلان خطه استراتيجية وضمن فئة الأولوية القصوى من خلال خطط قابلة للتنفيذ وفق جدول زمني محدد.
رغم محدودية الأرض الزراعية نسبةً إلى اجمالي مساحة الأردن، إلا أن الأراضي المستغلة زراعياً ما زالت محدودة و المتاح للزراعة ما زال كثيراً حيث تبلغ الأراضي الزراعية 10% من مساحة الأردن مستغل منها 31%، بالأرقام الأراضي الكلية الصالحة 8.9 مليون دونم متاحة المزروع فعلياً 2.8 مليون دونم. وتبلغ مساهمة القطاع الزراعي بما فيه الثروة الحيوانية حوالي 4.6% من الناتج المحلي الإجمالي وفق معلومات الربع الثالث لعام 2019 وهي مساهمة كما ترون قليلة .
الزراعة بحاجة لتوظيف التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي في مجال الإرشاد الزراعي الضعيف بدليل الفوائض في بعض المنتجات التي تهوي بأسعارها، مما يستدعي الاستعانة بالتكنولوجيا لتدلنا على الزراعات ذات الجدوى وتلك واجبة الإيقاف، للحد من معاناة المزارع من ارتفاع الكلفة وهزالة الأسعار.
كما تحتاج المستلزمات الزراعية إلى دعم أسعارها ومراعاة تخفيض الفوائد على القروض لفترة معينة من السنوات، تضمن الإقبال على المشاريع الزراعية المجدية لتعزيز الصادرات، كما ويجب إعادة النظر في الإرث العثماني المتمثل في الأسواق المركزية (الحسبة)، وتوظيف الطاقة المتجددة لتخفيض الكلف وللتمكن من المنافسة في الصناعات الغذائية.
ويجب فصل التسويق عن الإنتاج كما في دول العالم المتحضر حيث المزارع لا يقلق على بيع منتوجه بل همه النوعية والكمية ، بينما الشركة المعنية بالتسويق توضب وتغلف وتنقل من باب مزرعته وتبيع أو تصدر للخارج وتأتيه بالشيك، بوجود شركات تسويق عديدة تحتدم المنافسة الصحية التي تشغل العمالة وتحقق الأسعار العادلة.
الأمن الغذائي يعني الإنتاج المحلي و الاستيراد، فهناك منتجات وسلع يتم استيرادها لأن ذلك أرخص من إنتاجها محلياً أو تحتاج للكثير من الماء وهو ما نفتقر له، لذلك يتم تغطية المستوردات بالمال المتأتي من الصادرات.
الاهتمام الملكي يستدعي تشكيل مجلس أعلى للأمن الغذائي يضم ممثلين عن وزاره الزراعة ووزارات الصناعة والتجارة للاهتمام بجانبي
التصدير والاستيراد، والصحة لضمان النوعية وتسخير المختبرات، والمواصفات والمقاييس لمراعاة النوعية والتوضيب والتغليف اللائق، و وزارة النقل لتذليل الصعوبات التصديرية للمنتجات الزراعية والحيوانية، واخيراً وزارة الطاقة لتسخير الطاقة الرخيصة لضمان تنافسية صناعاتنا الغذائية، و المعنين من القطاع الخاص و النقابات، كل ذلك سيفضي لتشغيل و إدرار العملات صعبة وتحقيق الرؤى الملكية .
Rami.kk@hotmail.com