قبل عام ونصف تقريبا ، احتفلت سيدة بعيد ميلاد كلبها ، في عمان ، ودعت سيدات اخرى ، وحصل كل كلب على قلادة ذهبية ، وكلفت الحفلة ، خمسة وعشرين الف دينار ، واثارت القصة رد فعل واسعا ، في عمان وغير عمان.
الكلب كائن مدلل في بعض المناطق. في مناطق اخرى تتم ملاحقة الكلاب لقتلها ، وفي مناطق مختلفة يتم اطلاق حملات لقتل الكلاب الضالة ، وتتفرغ بلديات احيانا لقتل الكلاب ، وتُخصص صيادين ورماة ، من اجل قتلها ، لان بينها المسعور والمجنون والنابح والجائع ، ونسمع في ليالي الصيف والشتاء ، الكلاب التي تعوي طوال الليل ، من فرط الجوع ، ونستذكر اقوال العجائز التي تقول ان أنين الكلب دليل على شر مُستطير سيقع على الارض. هذه بعض قصة الكلاب الضالة.
قصة الكلاب المدللة ، مختلفة ، وفي عمان كان مقرراً اليوم مسيرة للكلاب المدللة ، الا ان التراجع تم عن المسيرة ، بسبب احوال الطقس ، وبسبب البرد ، وخوفا من اصحاب الكلاب على كلابها ، تم تأجيل المسيرة ، لان حياة الكلب مُهمة. في أرفف المولات تجد طعام الكلاب ، وهناك من هو مختص بعلاجها والرأفة بأحوالها ، وتطعيمها ، وربما تعليمها بعض الممارسات الجميلة والراقية والايجابية ، من اجل حياة افضل ، ومن اجل عواء موسيقي ، يليق بأصحاب الكلاب.
لم اعرف الفرق بين الكلاب الضالة والكلاب المدللة ، الا في لندن ذات صيف ، حين مر كلب صغير بجانبي ، ومن شدة رعبي ركلته بقدمي ، فتدحرج ستة امتار ، فاذا بعجوز بريطانية تمتلك الكلب المدلل تنهال علي بالشتائم والسباب ، لانني رجعي ومتخلف ، فأجتمع علينا الناس من كل صوب وحدب ، وحين هدأت السيدة ، وبعد الف اعتذار لكلبها المدلل ولها شخصيا ، باعتبار ان الجريمة عائلية ، ولان الحال من بعضه ، سألتني من أي بلد انا. خجلت ان اهين عروبتي ، بالاعتراف انني عربي. فقلت لها ان اسمي "جورج" من اليونان ، وانطلى بياض الوجه ، على السيدة ، وكان كل همي الهروب من الموقف ، ومن سمعة "بلاد العرب اوطاني".
منذ ذلك اليوم صارت عندي عُقدة من الكلاب المدللة. فهي تحظى برعاية خاصة. ما زلت احزن على الكلاب الضالة. تلك الكلاب التي تنبش حاويات النفايات. وتحظى بضرب الحجارة ، والرصاص احيانا. وتهرب من كهف الى مغارة. ومن جبل الى واد ، وتُنجب بشكل عشوائي. الكلاب المُدللة لا تنجب الا برعاية طبية ، هذا اذا انجبت. وفي حالات نقرأ اعلانا عن مكآفأة في صحيفة لمن يجد كلبا مُدللا ضاع من صاحبه ، واستنتج انا ان المكافأة هي في سرها لانقاذ الكلب المُدلل ، من قطعان الكلاب الضالة ، واحتمال انضمام المُدلل الى الضالين ، وتغير طباعه بحيث يصبح متوحشا وقذرا.
على ابواب بيوت في عمان. تقرأ "هذا البيت محروس بالكلاب احذر الدخول". استغفر وابسمل واحوقل. وأمر سريعا ، حتى لا يفهم الكلب المُدلل انني احاول العبث معه. المشكلة ان هذه البيوت هي الاكثر عُرضة للسرقة لان الكلب يقول للمارين انه لولا وجود اشياء ثمينة في البيت ، لما تم احضار الكلاب. البيوت المفتوحة الابواب ، على طريقة البيوت القديمة ، هي الاكثر أمنا ، لان السارق سيقول انه لولا ان صاحبها مديون ومُفلس "ومش فارقة معه" لما ترك بيته مشرع الابواب.
اغلب بيوتنا مفتوحة الابواب لان اغلبنا مش فارقة معاه،،.
mtair@addustour.com.jo
الدستور.