توازنات النقائض وتباينات المصالح
د. حازم قشوع
28-09-2020 12:27 AM
تعيش المنطقة وشعوبها حالة غريبة الاطوار، تقوم على تغيير الحقائق بهدف تغيير الوقائع، لتستجيب للظروف الموضوعية السائدة التي اسقطت بظلالها على المشهد العام، وجعلته يعيش اجواء لم يعتد على العيش فيها ويدخل في حالة اشتباك سياسي وثقافي غريب في عناوينه ومفرداته، حيث تاتي رياح التغيير الموضوعية هذه المرة، حاملة معها متغيرات عميقة تستهدف تبديل المنطلقات الثابتة باهداف كامنة، وتبديل بوصلة الاستهداف من البوصلة التقليدية الى بوصلة النفعية بحيث تتبدل فيها الاتجاهات حسب الرغبات فلا قيم تضبطها ولا مبادئ تسندها.
هذا على اعتبارها لا تقوم على منطلقات فكرية من على ارضية اجماع منهجية، او ترنو من اجل احقاق قيم يراد تاصيلها بقدر ما تقوم على ميزان تتارجح كفته حيث تكون المنفعة او درجة النفعية المستهدفة، وهذا ما قد يجعل ميزان المصالح يبيح الممنوعات بدعوى المقتضيات، وما كان يهمس به سرا يصرح به جهرا، ومن دون وجل يحفظ ماء الوجه او خجل من التصريح بالقول، فان الاوراق اصبحت ظاهرة واللعب بات على المكشوف والرهان او الارتهان بات على العلن، وبات المشهد العام عنوانه يقوم على توازنان النقائض وتباينات المصالح.
والمنطقة اذ تتعرض الى رياح تغيير سياسية ثقافية، هدفها زعزعت الثابت وتبديل المنطلق وتغيير اتجاهات الاستهداف عبر ميزان المصالح، فان العمل على التصدي لهذه الرياح لا يكون بالسجال بل يتاتى بالاحتواء،الذي يقوم على الحوار الهادئ الموضوعي من اجل تعزيز مناخات المنعة للامة الثقافة والقيمية، لان ميزان الخسارة يتاتى من باب الخصومة، ويتعمق من واقع التباين وعدم التفهم لطبيعة المرحلة والحالة التي تقف عليها بعض المجتمعات نتيجة التهديدات الاقليمية او لتلك التوقعات الناشئة في حال تم تبديل مركز صناعة بيت القرار.
وهي مناخات بحاجة الى ايجاد حمايات بديلة تكون منبثقة عن ارضية العمل المشتركة التي لابد ان تكون عربية في المحتوى والمضمون، فان قوة النظام العربي تكون من قوة حوامل انظمته، وهذا ما يتطلب من الجميع اعادة حساباته لتكون مأطرة في اطار عربي مشترك، تجعله قادرا على حماية ذاته وعاملا على تحقيق النصرة لقضاياه المركزية منها والحيوية.
وهذا بحاجة الى مبادرة عربية جامعة وجادة، تعزز من شأن المصالحة العربية - العربية وتناصر القضايا الحيوية والمركزية للامة، وتعيد الامل بعودة الامة ونظامها الى الواجهة السياسية، باعتبارها تشكل قوة جيوسياسية في المنطقة وهو المشروع الذي نادي به جلالة الملك من اجل تشكيل قوة عربية اقليمية رابعة تحقق التوازن المطلوب مع القوة التركية والاسرائيلية والايرانية التي مازالت تتنافس على الامة ومقدراتها، فالمنطقة دون قوة عربية تحدث التوازن الجيوسياسي لن تنعم بالاستقرار.
الدستور