حاجتنا الماسة إلى اللامركزية
د. معن ابو نوار
19-03-2010 03:02 AM
منذ أن بدأ رئيس الوزراء المغفور له وصفي التل حملته الإدارية الشهيرة لتحقيق اللامركزية الإدارية .. التنموية .. الاقتصادية .. والاجتماعية ؛ تتابعت الحكومات الأردنية ؛ بعضها غضت الطرف عن سياسة اللامركزية ؛ وبعضها حاولت العودة إليها ؛ مما أدى إلى الحيرة الإدارية في المحافظات ؛ وإلى بعض التراجع في مشاريع التنمية الاقتصادية من أطراف المملكة إلى العاصمة التي تقدر على القيام بما تحتاجه دون تدخل كبير.
حيث نجحت أي حكومة في مواصلة الجهد من أجل تحقيق اللامركزية؛ إنخفضت الهجرة من المحافظات إلى العاصمة ؛ وحيث أخفقت أي حكومة في تحقيق اللامركزية ؛ إزدادت الهجرة من المحافظات إلى العاصمة.
الحل المثالي لهذه المشكلة الإدارية الاقتصادية الاجتماعية هو نقل التنمية الحيوية الضرورية من المركز إلى المحافظات كل حسب حاجاتها ؛ وجغرافية وطبيعة أرضها ؛ ونمط حياة سكانها ... زراعية ... صناعية ... سياحية ... ؛ وحاجتها إلى مكافحة جيوب الفقر ، وتخفيض مستوى البطالة ؛ ورفع مستوى المعيشة ؛ وتوفير الخدمات الصحية والأمنية والتعليمية ومرافق البنية التحتية الأخرى من طرق وبريد واتصالات وما شابه.
مهما بلغ أي محافظ من مقدرة وكفاءة ، ومهما تمتع به من إخلاص ووفاء في خدمة سكان محافظته ومصالحهم ؛ فهو لن يستطيع القيام بواجبه بدون وجود ثلة خبراء قادرة من كل وزارة معنية ، تساعده على تقدير الموقف ، وتحديد ما تحتاجه من خدمات كل وزارة ؛ ووضع الخطة الضرورية لمعالجة كل ما يحتاج إلى العلاج ؛ والإشراف المباشر على تنفيذ الخطة النهائية التي تضعها الحكومة ؛ وتحقيق الممكن من التنمية الإدارية والاقتصادية والاجتماعية. ليس هذا وحسب بل مهم أيضا أن يكون هناك تعاون مطلق بين الوزارات في المركز ؛ وممثليها في المحافظات ؛ لتحقيق ذلك الهدف المنشود.
الذي يبدو في هذه المرحلة أن الوزراء المعنيين بهذا الشأن المهم باشروا كل حسب خبرته واختصاصه ، ومعرفته الواضحة ، بمسيرة جديدة نحو هدف عودة جديدة لإحياء اللامركزية ، دون تسميتها بذلك الإسم الذي قد يقلق كل من يريد أن يحافظ على أكبر قدر من صلاحياته. ومع أن مفهوم الغيرة على الصلاحيات من طبع وتقاليد السياسيين ؛ خاصة الوزراء ؛ ولا عيب في ذلك ، إلا أن اللامركزية من أهم أسباب نجاحهم في واجبات وزاراتهم المختلفة ؛ وهي لا تحرمهم من ذرة من صلاحياتهم طالما ينفذوها بواسطة ممثليهم في كل محافظة. وبهذا المفهوم وحده يستطيع كل وزير تحقيق النجاح لسياسة الحكومة ونجاح وزارته .
الراي.