عمليّاً كان لا بدّ من تأخير التحاق الطلبة في المدارس والاكتفاء بالتعلم الالكتروني، وتاخير التعلم الوجاهي الدراسي، لحين كشف سيناريوهات الانتشار الوبائي. والاكتفاء بالتعلم عن بعد ليس بديلاً كاملا عن المدرسة، لكن الامكانيات الآن أفضل والقدرات اكثر مرونة والخبرة التي تشكلت أحسن بكثير لدى كوادر وزارة التربية والتعليم.

في الشهر الأول من التحاق الطلاب بالمدارس زادت الحالة الوبائية بشكل كبير، واغلقت عشرات المدارس، وكان ممكن تلافي هذا الوضعية بالتعليم عن بعد، وقد يرد قائل لكن أيضاً التعليم المدرسي او حق الذهاب للمدرسة واجب من قبل الدولة، وهو مسألة أخلاقية وذات بعد حقوقي انساني.!

أقول إن رئيس وزراء بريطانيا برر قرار عودة المدارس في بلده بهذا المنطق، وهو الحديث عن الحق الأخلاقي في التعلم، ونحن لا نتحدث عن حرمان من التعليم، بل نتحدث عن حالة وبائية متعاظمة، والكل يعرف ما الفرق بيننا وبين بريطانيا.

نحن نتحدث عن عام صعب على الكل، وليست وزارة التربية وحدها في الميدان، فالجامعات أيضا والتعليم العالي في مواجهة محتومة، ويجب التريث بالعودة وجاهياً، وقد بين وزير التعليم العالي أن الخيارات ما زالت مفتوحة، لكن مجلس التعليم العالي حسب تصريحات الوزير تحدث عن خيارات تعليم هجينة ومدمجة، وقد عملت الجامعات بها وقياساً بالوضع العام لمالية الجامعات ومنصاتها وقدراتها الراهنة او التي واجهت بها، تظلّ الأمور جيدة.

لكن خطورة الجامعات مع كورونا آغا، أعظم من المدارس، في المدرسة يجلس الطالب بصف واحد، ويكون من قرية او حي او محيط مناطقي محدود جغرافيا، وداخل المدينة الواحدة، امّا في الجامعات ينتقل الطالب من كليّة لكليّة ومن منطقة لمنطقة ومن مدينة لمدينة، وبالتالي وحكماً فإنّ فرص الانتشار للوباء عبر طلاب الجامعات كبيرة.

لكن السؤل قد يقال ما العمل، أنا اعتقد ان المبالغة في التحرز الأولي لإدارة الأزمة كان من البداية يشوبه عناد مع الطبيعة، فالبلد لا يمكن اغلاقها امام العالم، وفي ظل امكانيات واقتصاد هشّ، واليوم تتجلى الحالة الوبائية لتخرج عنا لجنة الأوبئة الوطنية وتعلن فقدان السيطرة على البؤر، وهنا نحن نتحدث البدايات في الحالة التصاعدية وطنيا. ولربما يمكن القول إن اعتماد ما اعتمد عند دولة من نفس مستوانا الديمغرافي هو الأفضل. مع التشديد على دور المواطن وتطبيق القانون بحزم على مخالفي إجراءات السلامة المطلوبة، وبدون ذلك سيبقى كورونا آغا يتمدد دون سيطرة.

الدستور