هيبة الدولة ومساواة مواطنيها
ايمن خطاب
09-06-2007 03:00 AM
لم يكن محبذا ان تصل الامور في قضايا ازالة اعتداءات على املاك ، بغض النظر ان كانت لدولة ، او فردية الى ما الت اليه ، من تراشق اعيرة نارية ، لكن كسر الهيبة ، لدولة ، الحتمية تدفع باتجاه التازيم ، من هنا لا بد ان نناشد المواطنين لاول مرة " بضبط النفس " بعد ان التصق الاصطلاح دوما بالدول !!
نسلم بمبررات وزير الداخلية بوجود اعتداءات على اراضي الدولة ، والاعتداء تحت كل الظروف وان كان من أي طرف مرفوض ، وان توصل الفرقاء – في الحالة الترابية الاردنية - الى اتفاق حول تعريفه ، يفترض ان يلقى معالجة فيها نوع من التروي ، لكن وابلا من رصاص ينطلق باتجاه جهاز امني تنفيذي ، يثير علامات استفهام كثيرة ، ويحار المرء حيال اليات المعالجة .
علامات الاستفهام ، باتت تثار حول الية السماح من قبل ، بامتلاك السلاح في ايدي المواطن ، والغاية من استخدامه ان اجازت التشريعات هذه الملكية !! وهل المناطق الاردنية كافة متاحة فيها هذه الملكية " التسلحية " ، على النطاق الذي سمع دويه الان ، فحد علمنا ان السلاح الشخصي للمنزل متاح الترخيص وفق اجراءات ، لكن لم نسمع باسلحة رشاشة ، وان كان دويها يملأ سماء الاعراس والليالي الملاح !
وتسليمنا بمبرر الداخلية ، يقابله تسليم اخر بمبرر مواطن ، وضع يده ذات يوم على بضعة دونمات ، اعتنى بها وغرس الجوافة ذات المذاق والسعر الطيب ، واثرى من وراءها ، وباتت مورد معيشته ، لكن التعاطي الموضوعي مع المسالة ، يقودنا الى نقاش حقوق المواطنة ، والتمييز بين المواطنين ، فمن منا لو اتيح له ظرف استغلال ارض ما لا يستغلها شانه شان ثري " الجوافة " ؟؟ لا سيما وان بعضنا مضى على وجوده في الوظيفة عقدين من الزمان لم يفلح فيهما في شراء متر مربع ، حتى لوكان " قبرا به يقبر " ذات يوم .
في سياق الاستعطاف الانساني والتحريضي لدى المتضررين ، ان الدولة افاقت على ملك " فرطت به " خلال كبوة استكانت اليها عشرات السنين ، وباتت الان تنبش في الدفاتر العتيقة ، عن ديون معدومة ، والامر مقبول في السياق المشار اليه ، لكن في السياق الموضوعي ، لو اخذنا الامور على صعيد " فردي " لا دولة تبحث عن ارثها ، ومواردها لتعزز بها قدرة ثباتها ، للقيام بمسؤولياتها الاجتماعية والانسانية والاقتصادية والسياسية .
نتساءل في السياق الفردي ؟ لو منح اي منا مواطنا قطعة ارض او منزل لغاية ما ، وصمت على المنحة دهرا ، وذات تحسن باليات الاستثمار ، وجد فيها منفعة لنفسه ، هل مطالبته مغلوطة ، او هي الحق المسكوت عنه لسنين ؟؟ تساؤل نرجو ان لا يحمله دعاة الانسانية وحقوقها الكثير وان يتعاملوا مع الامور بواقعية !!
وفي سياق الاستعطاف الانساني ايضا ، يسوق البعض حججا من ان الدولة غايتها بيع الاراضي لمستثمرين منهم " الحريري والاخر المصري وثالث ربما مخملي - والمفردات حديث الشارع - بغرض اقامة منشات سياحية ، ونلوم الوطن على هذا التوجه كون رجالاته يسعون الى بيع الارض ، وفي ذات الوقت نلوم دولا بعينها لانها لا تفتح باب الاستثمار امام مواطنينا ، وتشترط شراكة المقيم او المواطن الاصيل لا ي استثمار عربي !! ونلعن ابو العروبة لهذا التصرف ، ونتفاخر بمزايا الاقتصاد الحر لدينا حينها ، لكننا نلعن ذات المزايا حينا اخر ان مست امور حياتنا !! معادلة صعبة وعصية على الفهم طالما ارتبطت بمصلحيات .
في الحالة الاردنية ، وفق التصريحات ، حالتان الاولى اراض استملكت من مواطنين عام 1964 ، في مناطق الشمال لغايات انشاء سد لم ير النور لليوم ، والاهالي تقاضوا بدلات الاستملاك وفق القانون لكن تاخر الدولة لمقتضيات سياسية واخرى ، في الشروع بالمشروع ، تطلبت ان يعود من تقاضوا بدل الاستملاك الى الارض ، وزراعتها ، وابرموا اتفاقات بزراعات موسمية وبقوليات وغيرها ، حتى لا يتحملوا عبء العناية باشجار ستقتلع ذات يوم ، والرواية بالمناسبة من مزارعين هناك ، لكنهم تجاوزا الى غرس الشجر المثمر والمعمر ، ولدى تفكير الدولة باستعادة ارثها ، فتحوا سجل القانون وادعاءاتهم في هذا الجانب انه يجيز اعادة الارض لاصحابها ان لم تستخدم للنفع العام الذي استملكت من اجله ، وهذا كلام جميل لكن ما دمنا نتحدث في مشرع وتشريع ترى من هو الفيصل في هذه المسالة ؟ هل هو " الرشاش دفاعا عن التراب ام القضاء ؟؟
المشهد الثاني على مرأى من نواظرنا ، لدى مرورنا باتجاه بعض المناطق السياحية ، اذ لا بد ان يبادر احد ركاب حافلة ، للاشارة بيده الى مئات الدونمات بالقول ، هذه مزرعة لفلان وضع يده عليها منذ العام (...) وهو يستغلها دون ان تستطيع الدولة او الحكومة ان تفعل له شيئا على الرغم من انها اراض اميرية " للامانة على الصعيد الشخصي ، لا بد وان استذكر الدستور ، وحقوق المواطنة انذاك ، واصاب بغصة في الحلق حينها !!
نتحسر على اشجار تقتلع ، ونقر ان " يابس القلب يدمي يانع الشجر " ، لكن البعض حيال مناطق " النزاع" وصف المشهد " بدولة داخل دولة " وان الركون والسكون حيال هكذا اوضاع ، تتطلب نوعا من المساواة ، انا من دعاتها ، وعمادها خمسة دونمات لكل مواطن ، تصلح لاقامة مزرعة صغيرة ونموذجية وبيت ريفي حتى لوكانت في المريخ !!
Ayman65jor@yahoo.com