قرأت معظم ما نشرته الصحف البريطانية حول ما دعته "أزمة" في العلاقات الامريكية - الاسرائيلية, التي حاولت هذه الصحف, شأنها شأن معظم الصحف العربية, تركيب ساقين من خشب أو قصب للرئيس الامريكي اوباما, حين دعته الى الوقوف بحزم في مواجهة حكومة نتنياهو وعدم التراجع, بل دعته الى الضغط على اسرائيل لإحداث اختراق على جبهة السلام!!
هذه الصحف, وقعت ضحية وهم وتضليل, لأن من تراجع مرة سيتراجع كل مرة, هذه هي القاعدة, فالرئيس اوباما تراجع عن وعده برعاية وتحقيق السلام وانهاء الصراع العربي الاسرائيلي, كما تراجع عن وعده بالتصالح مع العالم الاسلامي, كما تراجع عن مطلبه بوقف الاستيطان قبل استئناف المفاوضات, لذلك استغرب حين طالبت »الغارديان« البريطانية من اوباما عدم التراجع معتقدة ان "اوباما تراجع مرة ولا يتحمل تكرارها"!!
وقبل ان يجف حبر الصحف العربية والبريطانية وغيرها في العالم, بدأت واشنطن بتليين موقفها, وبدأ الغزل بين السيدة كلينتون ونتنياهو حين اطلقت وزيرة الخارجية الامريكية تصريحاتها المتوجة بالتزام واشنطن الشديد بأمن اسرائيل, وبالرباط الذي لا ينفصم بين الولايات المتحدة واسرائيل...
أما نتنياهو فظل على موقفه معتبراً ان "القدس الموحدة عاصمة ابدية لاسرائيل" وأن النشاط الاستيطاني فيها لن يتوقف, ورغم ذلك اعلن بوقاحة ان »تل ابيب أثبتت التزامها بالسلام قولاً وفعلاً« ودعا السلطة الفلسطينية الى دخول »خيمة السلام« بعدما دعاهم الى النزول عن الشجرة!!
وهنا وجب التساؤل: لماذا تمسك نتنياهو بموقفه, ولماذا تراجعت واشنطن خطوتين الى الخلف؟!
الحقيقة ان في اسرائيل من يعتقد ان نتنياهو يملك القدرة على احداث اختراق في واشنطن,وليس العكس, وانه أقوى من اوباما داخل الساحة الامريكية, خصوصاً بعد تحالف اللوبي اليهودي مع المحافظين الجدد, هذا التحالف ادخل الصراع الفلسطيني - الاسرائيلي الى الاجندة الداخلية الامريكية بل حشر مصالح اسرائيل وأمنها في خانة الهموم اليومية الامريكية...
وهناك معلومات نشرت حول استعدادات يقوم بها التحالف الجمهوري الامريكي واللوبي اليهودي لشن حمل اعلامية ضد الرئيس باراك اوباما واتهامه بالانحياز للعرب ومعاداته للسامية, لارباك ادارته في التعامل مع اجندتها الداخلية وافشال برامجها على ابواب الانتخابات النصفية للكونغرس في تشرين الثاني المقبل...
لقد هدأت عاصفة اوباما في فنجان نتنياهو, والتقطت الحكومة الاسرائيلية انفاسها, واستأنفت تنفيذ مشروع التهويد والاستيطان, بعدما انقطعت انفاس النظام العربي...
Kawash.m@gmail.com
العرب اليوم.