اذا كانت الولايات المتحدة بسطوتها ونفوذها قد تراجعت امام صلافة وغرور نتنياهو, فماذا عسى ان تفعل اللجنة الرباعية التي ستعقد اجتماعها اليوم في موسكو؟
السيناريو معروف, بمقدماته ونتائجه. انه مجرد (شو) سياسي آخر لتقطيع الوقت وزج القضية الفلسطينية في متاهات لا تنتهي من المؤتمرات واللجان وخرائط الطرق وانفاقها ومعاركها الدنكوشوتية التي تسمع العالم طحنا لكنها لا تثير غبارا.
بالطبع ستنشغل العاصمة الروسية بضيوفها من بلير وطاقمه الى المبعوث الامريكي ميتشل يضاف اليهم المفاوض صائب عريقات وقليل هم: الذين يتوقعون ان يثمر الاجتماع عن قرارات ذات فعل وتأثير, خاصة ان تحليلات - قد سبقته - ذكرت بان عقد اللجنة الرباعية في موسكو, هو من اجل ارضاء بوتين الغاضب من اهمال الولايات المتحدة لدور بلاده في تحريك عملية السلام, واغفال واشنطن تطبيق احد مقررات مؤتمر انابولس الذي عقد في آخر عهد بوش والخاص بعقد مؤتمر للسلام في العاصمة الروسية.
التطور الوحيد الذي يمكن ان يغير من نتائج اجتماعات اللجنة الرباعية في موسكو هو ما سيكون عليه الموقف الفلسطيني وما سيطرحه ويتمسك به صائب عريقات المشارك بالمؤتمر. فلقد حان الوقت للسلطة الفلسطينية ان تعود الى ثوابتها الوطنية المتمثلة بحقوق شعبها العادلة, وان تطوي صفحة (الخطوة خطوة) و (خارطة الطريق) والمفاوضات العقيمة التي استمرت 19 عاما. وان تتجنب اخيرا الوقوع في فخ التمسك بالمفاوضات غير المباشرة التي اعلنها وزراء الخارجية العرب في اجتماعهم الاخير في القاهرة.
امام هدير جرافات المشاريع الاستيطانية والتهويد في القدس المحتلة والضفة الغربية, لم يعد الوقت يعمل لصالح سياسات تضييع الوقت التي تمت تحت غطاء مسلسل من المفاوضات, لو جُمِع عدد ساعاته واوراقه لفاق في كثرته مفاوضات (يالتا) بعد الحرب العالمية الثانية ومفاوضات نزع السلاح النووي بين الاتحاد السوفييتي السابق والولايات المتحدة اثناء الحرب الباردة.
وادعو الاخ صائب عريقات - وهو الذي يمتلك تجربة المفاوضات منذ ان شارك في الوفد الاردني - الفلسطيني في مؤتمر مدريد عام ,1991 وكان يتسلل بالسر الى تونس للمشاركة باجتماعات منظمة التحرير - ان يتوقف - قبل غيره امام حكاية (المفاوضات غير المباشرة). التي تعيد القضية الفلسطينية الى ما قبل مؤتمر مدريد واتفاقية اوسلو, اي الى مراحل متقطعة من مفاوضات غير مباشرة مع اسرائيل, كانت تجري لان قادة الاحتلال كانوا يرفضون الاعتراف بمنظمة التحرير, وبحق الفلسطينيين في اقامة دولة.
العودة للمفاوضات غير المباشرة, تراجع الى مربع الصفر في عملية السلام, وهو مثال آخر سيئ على سياسات المساومة, التي يتبعها العرب والفلسطينيون, من اجل ارضاء امريكا تارة, وبزعم احراج ومحاصرة الموقف الاسرائيلي المتطرف تارة اخرى.
امام جرافات الاستيطان, التي نسفت اساسات الدولة وتهدد هوية القدس, لا حل غير العودة الى الارض والشوارع ونقاط المواجهة في القدس ورام الله والخليل وبيت لحم وجنين, فهذا, وان كان تعبيرا عن اليأس, الا انه السلاح الوحيد لقلب الطاولة على سيناريوهات حولت القيادة الفلسطينية وحركة الشعب النضالية الى ما يشبه حالة الذي يسير خلال نومه, حيث تصبح احتمالات سحقه تحت عجلات جرافات الاحتلال مجرد وقت.
taher.odwan@alarabalyawm.net
العرب اليوم.