اصوات المحتجين ترتفع .. لا تنزعجوا
فهد الخيطان
18-03-2010 02:43 AM
حركات الاحتجاج المطلبي تحتاج الى مأسسة لتصبح جسورا للتواصل بين الدولة والمجتمع..
......................................
يشهد المجتمع الاردني ديناميكية عالية تعبر عن نفسها بمظاهر عديدة ابرزها حركات الاحتجاج المطلبي في اوساط المعلمين والطلاب وموظفي القطاع العام عموما.
التظاهر والاعتصام ظلا لزمن طويل اساليب محرمة على هذه الفئات, ولفترة قريبة كان المعلم يخشى التصريح باسمه المفتوح لصحيفة عن امر ثانوي في مدرسته, اليوم نجده يصرخ على شاشة الجزيرة مطالبا باستقالة الوزير. في وضع مشابه حاول احد الوزراء ارهاب موظفي وزارته لمنعهم من الاحتجاج على قرارات تخفيض المكافآت والعلاوات فردّ الموظفون بتنظيم اعتصام خضع الوزير بعده لمطالبهم.
والحديث عن نقابة للمعلمين ظل همسا في الغرف المغلقة ثم صار تحركا علنيا لا يخشى القائمون عليه الفصل او العقوبة.
لا يتحرك المواطنون برغبة في المعارضة او بدافع لتحدي الدولة انما هو تعبير عن تصميمهم على المشاركة في صوغ مستقبلهم. لم يعد بالامكان الاستمرار في ادارة المجتمع بالادوات القديمة, سبعون بالمئة من الاردنيين في سن الشباب يتطلعون الى الامام ولهم الحق في ان يكونوا جزءا من حركة التغيير.
تعميق الثقافة الديمقراطية وتحقيق التنمية السياسية لا يتأثيان بالندوات والمحاضرات بل بحراك اجتماعي ملموس وانخراط ميداني في النشاط المطلبي والنقابي, والطريق لتحقيق غايات الاصلاح السياسي والديمقراطي هي بمأسسة الحركات المطلبية وصهرها بأطر نقابية مدنية لتصبح قنوات للتعبير والاحتجاج المنظم والاهم من ذلك الحوار الناضج مع مؤسسات الدولة وصولا الى توافق يوازن بين الحقوق والامكانيات.
ولا ننكر ان مناخ الانفتاح واجواء الحرية في البلاد هما اللذان يمنحان حركات الاحتجاج فضاء التعبير. في الاسبوع الاخير الذي شهد سلسلة من اعتصامات المعلمين لم تسجل حادثة احتكاك واحدة بين رجال الامن والمعتصمين.
بعض الرجعيين والمحافظين يسمون هذا تساهلا من طرف الدولة يشجع على الفلتان متجاهلين ان التظاهر والاعتصام من صميم الحقوق الاساسية التي كفلها الدستور للمواطنين وان القمع والترهيب لا ينتج غير الاحتقان والحقد والتطرف (عندما يتظاهر عمال المياومة امام رئاسة الوزراء, او يتجمع طلاب التوجيهي الغاضبون من النتائج عن وزارة التربية لا يعد هذا انتقاصا من هيبة الدولة او تعديا على المؤسسات. تفقد هيبتها الدولة حين تلجأ للقوة لاسكات الناس وتََكبَر في عيون مواطنيها عندما تمنحهم الحق في التعبير وتنصت الى اصواتهم.
هذه حال الناس في كل مكان في العالم يتظاهرون في الشوارع ينتقدون ويشتمون الوزراء ويرفعون الحكومات ويسقطونها ومع كل جولة تخرج الدولة اكثر قوة وتماسكا.
في كل جولات الاحتجاج التي شهدناها مؤخرا تصرفت الحكومة واجهزتها بحكمة فلم تمنع اعتصاما مطلبيا ولم تقمع تجمعا شعبيا, وفي احيان كثيرة مدت يدها للحوار وكان منتجا, وعليها ان لا تتراجع عن هذه السياسة وتفتح الابواب للتعبير السلمي بكل اشكاله والاهم من ذلك ان تفخر بان لديها شعبا جريئا لا يتردد في الدفاع عن حقوقه فذلك ما يجعل الاردن قويا في مواجهة التحديات الماثلة من حوله.
fahed.khitan@alarabalyawm.net
العرب اليوم.