بالنسبة لحالة السقوط العربي العام في هاوية الهاوية، لم أجد ما أتعلق به، ليس لتجنب السقوط، بل لتخفيف حدته قليلا على عظامي المنهكة بالهزائم، أقول لم أجد ما أتعلق به سوى الشهيدة راشيل كوري ...الفتاة الأمريكية التي كانت أصدق منا جميعا (عدا الشهداء وما تبقى من المقاتلين).
انها تلك الفتاة المرفهة التي كانت ضمن الفرق العالمية التي تعمل داخل فلسطين في محاولة لحماية أطفال فلسطين من القتل .... لكنها قتلت بعد أن هرستها جرافة إسرائيلية (كان ذلك عام 2003).
لعل استشهادها كان ولا يزال رسالة على شكل مخرز يلج قلب كل عربي.. تقول الرسالة ببساطة:
- أنا الأمريكية المرفهة، جئت إلى فلسطين وقاتلت،وحاولت أن احمي أطفال فلسطين من وحشية الإسرائيليين، وقد دفعت روحي ثمنا لذلك، فماذا فعلتم انتم؟!
حتى أن خبر (استشهادها) جاء مبهما وعلى هامش الحدث السياسي آنذاك ، ودون حتى مجرد ذكر الاسم، (إسرائيل تقتل ناشطة اميركية)، وكان ينبغي علينا التركيز على هذا الحدث وتضخيمه وليس تحجيمه، ليس فقط من اجل إعطاء هذه الفتاة الشجاعة حقها بل من اجل استغلال هذا الحادث البشع في حربنا الإعلامية المضادة ضد الإسرائيليين.
السبب أننا لا نريد أن يشعرنا احد بضعفنا وسقوطنا وتقصيرنا بشأن الإنسان الفلسطيني شقيقنا في الدم والتاريخ، الذي يتعرض لإبادة جماعية وموت بطيء.
ولان شرقيتنا وشواربنا المبرومة لا تستوعب أن تعلّمها أنثى فتاة في الثامنة والعشرين من عمرها، أن تعلمها درسا في المواجهة والقتال ضد مجنزرات الصهاينة، إذ لو كانت (رجلا) ربما أخذنا الحادثة بقدر أكبر من الاهتمام. علينا ألا نعتب على العالم، وان لا ندعي أن شعوب العالم تتآمر علينا، وان حربا صليبية تدمرنا، أو ما شابه ذلك من كليشيهات لا تعني شيئا.
علينا أن ندرك أن من يحاربنا ويقف ضدنا هو (نحن).... نعم، نحن بتخاذلنا وجبننا وانهزاميتنا. نحن بسلبيتنا.
أول الوعي أو أول إمكانية الوعي أن تصطدم رؤوسنا بصخرة الواقع لعلنا نتخلص من حالة الانضباع التي نحيا، وحالة التسطيل التي نعيش.? لكن. لكن علينا أيضا أن نرفع رؤوسنا قليلا حتى تصل تلك الصخرة على الأقل.
الدستور