ايتها الحكومة: دعيني انتخب نائبا !
سليمان القبيلات
09-06-2007 03:00 AM
لا تريد الحكومة اصلاحا يجعل الناس ناخبين حقيقيين لممثليهم في البرلمان والا فانها ستسارع الى اعتماد تشريعات اصلاح الحياة السياسية في قانوني الانتخاب والاحزاب خصوصا بعد الرحيل الوشيك لمجلس نواب لا يشكل ذاكرة مضيئة لدى الاردنيين. ولعل اقتراح حزب العهد الاخذ بقانون يوائم بين"الصوت الواحد" (حبيب قلب الحكومة) والسماح للناخب الاقتراع لاي مرشح في اي من الدوائر الانتخابية يشكل خطوة صغيرة الى الامام تزحزح المجتمع وتحسن خياراته في هذا النظام الانتخابي "ثقيل الرِمة" على صدر الناس وعقولهم وبناهم الاجتماعية . اقتراح "العهد" يجدد تاكيد المؤكد في رفض الوان الطيف كلها قانون الصوت الواحد، فضلا عن انه يتيح للحكومة فرصة التقاء قوى المجتمع في مساحة متوسطة علها تنتج مجلسا يقوي ساعدها وسواعد وريثاتها في تصد (حقيقي) للاصلاح بقوانين ديمقراطية لحياة سياسية متاح فيها الاجتماع دون ما قيود او استئذان لا يجاب الا بالرفض.
كم تجيد الحكومات صنع الاحتقانات؟! بينما تتحدث عن الانفراج! تتحدث عن انتخابات وكاننا مقبلون على انتخاب تاريخي لشخصيات ستجعل مصالح البلاد والعباد في مقدم اولوياتها. وكأننا ذاهبون الى مرحلة الحكومات البرلمانية المسلحة بثقة الناس وهمومهم.
تريد الحكومات مجالس طيعة ومطيعة، لا ترفع الصوت، ينهمك اعضاؤها في تحقيق مصالحهم ويقزمون طموحات الناس حد توظيف براتب يعني معونة وطنية. تريد الحكومة نوابا يمررون رؤاها وعليها ان تعترف ان في ذلك استبدادا ليس بعده استبداد. تريد الحكومة ان تكون صورتها في المخيال الجمعي جميلة فيما سياساتها تجعل الحياة صعبة وممتنعة على غاليية الاردنيين، لتتذرع بان هذه الجراحات القاتلة لرزق الناس مستندة لثقة نواب جاء بهم قانونها الذي فسخ المجتمع. تعرف الحكومة ان مثل هذه المجالس لا تقيل عثرة مجتمع ولا تجعل الناس يقتنعون ان هؤلاء الموظفين "الكبار" هم نواب لاردن يجب ان لا تكون فيه مساحة لمنتفع وساع وراء "مدرنة" قريب عمره الزمني والعقلي لا يؤهله لتوجيه قطيع.
لسان حال الحكومة يقول للناس: انا ادرى بمصالحكم وانا ابوكم وولي امركم، رغم ان الالفية الثالثة قطعت سبع سنين من العجف والافقار.
تريد الحكومة ناخبين ليس لهم من اسمهم نصيب وهي في ذلك تؤكد ايديولوجيتها القائمة على ان ولاية الناس لا تستقيم بهم او حتى مشاورتهم مؤكدة نهجها القائم على التغييب القسري، والا فما يضيرها اذا كان قلبها على الناس ان تعود لهم عبر ممثليهم المنتخبين ديمقراطيا في كل سياساتها حتى في فرض ضريبة على هؤاء لا يبدو نقيا يتنفسه الناس.
... ينكشف للاردني التردي العام الذي يعيشه، فيعبر عنه بتبرم وتذمر وضيق مستمر يتجلى في احباط وهروب على الدولة ان تفسره تفسيرا حقيقيا والا فان الامور تسير الى لحظة لا يكون فيها متسع لعلاج. وعلى الدولة ان تتساءل من اجل البقاء: ما الذي يبعد الناس عن المشاركة السياسية ويجعلهم يخشون الانخراط فيها؟!.
الدولة الحديثة ليس حديقة وهي لناسها جميعا يلتقون حولها باعتبارها تحقق مصالح تجعلهم دائمي الارتباط بها مدافعين عنها، في حين يحيل انتفاء هذه المصالح الدولة الى عبء يستولد رفضا ينتج انعكاسات كبيرة. والدولة ان ارادت ان تنحاز للمستقبل عليها ان ترشد حضورها الانساني في الذهنية العامة في مسعى واع لهدم بنى مجتمعية قائمة تقدم ذاتها كسلسلة تخنق حريات الفرد، الذي لا يجد بديلا متاحا سوى الاحتماء بولاءات ضيقة توفر له امنا وحماية. والفرد المحاصر يصير فيه الفرد منفصما ورقيبا على نفسه، مستكينا قولا وفعلا، يتغذى من مؤسسة القهر الذي سيحفر قبره بنفسه ببلوغه حدا من استنفار يصير إنكارا ورفضا حتى في اوساط اجتماعية في الامس القريب كانت سندا للحكومات.
والحكومة تعرف ان دولة الجميع لا تنتفي لان هذا الجميع سيحملها على ان تكون له مظلة وليس سيفا عليه، فالعقد في الفقه القانوني شريعة المتعاقدين، لكن سوق الناس الى انتخاب "نواب" لا يمثلون ضميرهم ومصالحهم سيكرس القائم ويفاقم ترديا سيستتبع رد فعل على الدولة ان تعي مخاطره قبل انفلاته.