في مؤتمره الصحفي اعلن وزير التعليم العالي والبحث العلمي قبل أيام الخطوط العريضة لما اسماه بالمبادئ العامة للقبول الجامعي الجديد للعام بعد القادم 2022-2023، وبالرغم من تأكيد الوزير بان هذه المبادئ لم تكن وليده لحظة آنية انما أتت بعد تفكير عميق بضرورة تطوير سياسات القبول وكما جاء في تقرير استراتيجية تنمية الموارد البشرية، الا انها بلا شك قد تأثرت بنتائج امتحان التوجيهي للعام الحالي وحصول الطلبة على معدلات عالية، وتذبذب التشريعات الناظمة للامتحان، مما جعل مهمة المفاضلة بين الطلبة صعبة للغاية وخلقت تشوهات في اقبال الطلبة على التخصصات الطبية والهندسية في الوقت الذي ندعو به طلبتنا للتوجه الى التعليم التقني، وبالتالي ظهرت الحاجة الى تقييم اخر تستطيع به الوزارة والجامعات المفاضلة بين الطلبة لغايات القبول الجامعي.
وقبل الدخول في تحليل ما جاء فيما اسماه اقتراح مبادئ للقبول في الجامعات الجديد وتوضيحه فان العودة الى امتحان التوجيهي ومراجعته من حيث عدد المواد وعلاماتها واوزانها لاحتساب المعدل النهائي ابتداءً هو الطريق الأجدى ولأنجع، بحيث يصبح او (يعود) هذا الامتحان كما كان اداة حقيقية لتصنيف الطلبة وترتيبهم من اجل القبول الجامعي الموحد، وبالرغم من تصريح الوزير، رداً على سؤال احد الحاضرين حول امتحان التوجيهي، بانه وزير التعليم العالي وليس وزير التربية والتعليم الا ان هذا لا يعفيه من ضرورة الإلمام بكافه تفاصيل امتحان التوجيهي وتوزيع العلامات بين المساقات والتغييرات المتكررة التي أجريت لعدد المساقات وعلاماتها القصوى واوزانها في احتساب المعدل النهائي، وقد تحدث باقتضاب حول الية احتساب العلامة النهائية لامتحان التوجيهي بحيث يعطى وزن 50% للمجموع الكلي للعلامات في كافة المساقات ووزن 50% لمجموع العلامات في مساقات التخصص حسب ما يرغب به الطالب، وهنا فاني اقترح بالعودة الى طريقة احتساب المعدل النهائي المتبعة في الأعوام السابقة حيث خصص 40% للمساقات المشتركة و 20% للرياضيات و 40% للمساقات في تخصص المسار الطبي او الهندسي او غيره واقترح هنا باحتساب معدل ثلاث مساقات وليس اعلى مساقين.
وذكر الوزير بالإضافة الى ذلك بانه سيتم تصميم امتحان قبول جامعي اخر، كما اسماه أو امتحان قدرات، يهدف الى قياس المهارات العقلية الأخرى للطلبة والتفكير الناقد وحل المشكلات، وسيصار الى تصميم هذا الامتحان بطريقة منهجية علمية وبعد التشاور مع كافة شرائح المجتمع المؤثرين والمتأثرين بهذا القرار من طلبة وأساتذة جامعات وخبرات تربوية، كما اوضح الوزير، وكما فهمتُ من تصريحه بان علامة الطالب النهائية لغايات القبول الجامعي الموحد ستحتسب من نتائج الامتحانين و بنسبه 60% لامتحان التوجيهي و 40% لامتحان القدرات العام ويمكن تغيير هذه النسبة لتصبح %70 و 30% للامتحانين على الترتيب كما ذكر الوزير.
وقبل الدخول في التفاصيل الاخرى التي طرحها وزير فان مبادئ القبول الجديدة بشكلها المبسط تقترح امتحان جديد اخر يتقدم اليه الطلبة يحسب له 40% الى 30% من المعدل النهائي المحتسب لغايات القبول الجامعي الموحد، وفي هذه الحالة قد يترجم هذا الاقتراح الى ورقة امتحان إضافية في مجال التفكير الناقد وحل المشكلات أو يخصص له جلسة منفصلة بعد الانتهاء من امتحان التوجيهي بيوم او يومين يتقدم اليه الطالب فى أجواء بعيدة عن رهاب الامتحانات!، ام سيزيد هذا الامتحان من الضغوط على الطلبة!؟ وسنترك التفاصيل المتعلقة بالامتحان للمتخصصين لتحديد مدة الامتحان، وهل ستكون هناك مادة دراسية لهذا الامتحان، وهل ستضاف حصص دراسية بهذا المجال الخ...
ثم خلط الوزير على ما يبدو القبول الجامعي الموحد بموضوع قبول الطلبة في التخصصات او الاقسام الجامعية في مجال معين، الهندسي او الطبي وغيره، واقترح قبول الطلبة على مستوى الكليات أولا في السنة الأولى (التحضيرية) ثم توزيعهم او قبولهم في اقسام الكلية الأكاديمية في بداية السنة الثانية بناءً على رغبة الطالب و معدله التراكمي للسنة الاولى واجراء مقابلة اذا رأى القسم الاكاديمي ذلك مناسباً، واعاد الى الاذهان السنة التحضيرية التي تم تطبيقها في كلية الطب وفشلت بامتياز، وفي معرض حديثه حول هذا الموضوع ذكر الوزير على ان ممارسات القبول في الجامعات العالمية تنحصر في الاعتماد على امتحان وطني او امتحان قبول جامعي واجراء المقابلات او اي خليط بينهما، وهنا يجب الإشارة ان فلسفة امتحان القبول الجامعي او المقابلات تعتمد على القبول المباشر من قبل الجامعات حيث تصمم كل جامعة امتحان خاص بها هدفها الأعلى هو تحديد عدد الطلبة المقبولون في كليات الجامعة وغالبا ما تكون نسبة قبول الطلبة في الجامعات المرموقة لا يزيد عن 10%.
وقد انهى الوزير بتطمين الأردنيين بان هذه المبادئ لا تمثل تهميشا لامتحان الثانوية العامة ولن تمس القبول الموحد المشهود له بالعدالة والشفافية وليس هناك املاءات خارجية وليس هذا الاقتراح مقدمة لخصخصة التعليم، كما اوضح بان هذه الاستراتيجية لن تمس أسس القبول في الجامعات ولا على الشرائح والاستثناءات المدرجة في أسس القبول، مع ان ما ذكرته الاستراتيجية الوطنية لتنمية الموارد البشرية بضرورة تطوير ومراجعة أسس القبول والتي تشتمل على اكثر من 11 استثناء لتكون اكثر عدالة وانصاف هو بالذات ما اكد الوزير على بقائه.
واني أرى بعد هذه العجالة بان يتم مراجعة امتحان الثانوية العامة أولا ومراجعة اوزان العلامات ومن ثم التفكير مليا في امتحان القبول الثاني المقترح والذي سيؤدي الى انخفاض معدلات الطلبة بشكل غير مسبوق والتريث في مقترح السنة التحضيرية حيث ان هناك وسائل أخرى يمكن للجامعات القيام بها داخليا من حيث تطوير تعليماتها وانظمتها لتحقيق الهدف المنشود من السنة التحضيرية وهو حصول الطالب على التخصص الدقيق الذي يرغبه بعد القبول الجامعي.