إذا جاز لي التشبيه فإن ديمقراطيتنا تشبه شجرة معمَرة أثمرت حينًا في سنين الخصب، لكن أغصانها قد تكاثرت على حساب ثمرها المنتظر، ولا بد من تقليمها بعد أن تعهدها من ليس بمؤمن بها، كما هي بساتيننا التي يبست أشجارها وأحاطت بها الأشواك وسامها كل مفلس.
فهل يُكتفى بإزاحة ما تعفن منها وقطع الفروع اليابسة التي تعيق القاطفين أم تجتث من أصولها لتستدبل بشجرة تسقى بماء وطني خالص.
لم يعد يؤمن بالمشهد الانتخابي إلا فئات أغلبها ترى في الوطن مكسبا لمصالح آنية، حينما يفرض على الشعب قانون لم يك له رأي فيه فلننتظر رفضا له وللمؤسسات التي ترعاه. فقد بتنا نتسول حقوقا تائهة وباتوا يتسولون أصواتا مقدسة قبيل عرس مزيف.
أعضاء المجلس الحالي الذين نهضوا من مراقدهم الدافئة يتجولون ليحشدوا الدعم لعودتهم برعاية السلطة التنفيذية، إن قانون الانتخابات الذي يمكن تسميته بقانون (الرأس والحشوات) قد ساهم في تقطيع الجسد الاجتماعي ويُخشى أن يتحول إلى مجتمع الكراهية، وقد قرَّ في ذاكرة الأردنيين قصص العبث بالأوراق واستبدال الصناديق، وحينما تتحدث الهيئة المستقلة للانتخابات وهي بالمناسبة غير منتخبة أو موافق عليها من مجلس الأمة أقول: حينما تتحدث هذه الهيئة عن دور المواطن في التغيير بممارسة حقه الانتخابي فهل استطاعت من قبلُ أن تمنع بيع الأصوات في أسواق الشراهة والرشوة وشهادة الزور، وتسألون عن ضمانات للنزاهة والشفافية، فإن أردتموها فليغير قانون الانتخاب؛ فالهيئة مؤسسة حكومية قد أرهقت موازنة الدولة بلا مكاسب واقعية، فالمثالية المزعومة لا تغير من واقع المشهد شيئا، ويقدر دور موظفيها لكن الطريق فيه خيوط سود وبيض لم يتبين رسمها.