الاردن الاوضح رؤية والاثبت موقفاً
د. عاكف الزعبي
19-09-2020 01:35 PM
كلما جدّ جديد بشأن القضية الفلسطينية اتذكر دائماً الخطاب التاريخي والقومي الشامل لجلالة الملك الحسين يرحمه الله الذي وجهه إلى الامة في 19 شباط سنة 1986 ليبلغ جميع من يهمهم الامر موقف الاردن المتضمن نهاية التنسيق مع منظمة التحرير الفلسطينية اثر تراجعها عما عرف باتفاق شباط 1985 وبعد سنة كاملة من الجهد المبذول مع الولايات المتحدة الامريكية بموجب الاتفاق المذكور لعقد مؤتمر دولي بحضور وفد أردني فلسطيني مشترك بعد ان وافقت المنظمة على الاعتراف بقرار الامم المتحدة 242.
خطاب الحسين جاء في 120 صفحة من القطع المتوسط استغرق القاؤه نحو ساعتين. وقامت وزارة الاعلام مشكورة بطباعته وتوزيعه في حينه ليكون وثيقة من ابرز الوثائق في تاريخ الاردن. وقد عدت إليه بالأمس وقرأته للمرة الثالثة او الرابعة. وانصح الجميع بل واهيب بهم الرجوع الى الخطاب الاوضح والأفصح والاهم في علاقة الاردن مع منظمة التحرير الفلسطينية في اطار جهود العمل المشترك بين الاردن والمنظمة على الصعيد الدولي في مواجهة الاستراتيجية الاسرائيلية الدائمة للتملص من جهود السلام.
يكشف الخطاب الوثيقة عن حرص جلالته والاردن الذي لا يدانيه حرص على بذل كل جهد لكسب عامل الوقت الذي تراهن اسرائيل عليه وهو يوفر لها الامعان في قضم الاراضي الفلسطينية والتفنن في ممارسة الضغوط على الشعب الفلسطيني الصامد لتهجيره من ارضه.
وهو حرص يستند إلى رؤية عميقة واستشراف قل نظيره لما ستؤول اليه حال القضية ان لم يبذل كل جهد وطني وعربي ودولي ممكن لمحاصرة الاستراتيجية الاسرائيلية باسرع وقت ممكن.
أدعو كل باحث عن الحقيقة وكل مهتم بالعمل العام وكل اردني وفلسطيني العودة إلى الخطاب لمعرفة كم بدا الحسين رحمه الله وهو يقرأ من كتاب المستقبل وكأنما كان يقرأ من كتاب مفرود امام ناظريه. قراءة قائد يعلم يقيناً استراتيجية عدوه ودواخله، وبالمقابل يعلم يقيناً ماذا يريد، ويعرف يقيناً ايضاً معالم الطريق للوصول إلى ما يريد.
لا يزال الاردن بقيادة عبدالله الثاني ابن الحسين يحمل عمق الرؤية ويمتلك القدرة المميزة على الاستشراف ويتحمل أمانة المسؤولية الوطنية والقومية، ويتمسك بثوابت الامة حتى عاد الاردن الدولة العربية الوحيدة التي جهرت بموقفها ازاء أخطر حلقة من حلقات تصفية الوطن الفلسطيني وحقوق شعبه الموسومة بصفقة القرن. لقد جاء وقت للحق يذكر فيه، وهذا هو الاردن الذي لم يخذل اهله. فليكن الله في عونه وهو يواجه اليوم ازمة اقتصادية غير مسبوقة، وازمة صحية مفتوحة، وخطراً سياسياً يحيق بمصالحه الوطنية العليا.