يتميز المجتمع الاردني عن غيره من مجتمعات المنطقة بسقف الحرية والنهج الديموقراطي ومناخات التعددية، وهي السمات التي من المفترض ان تكون انعكست على الاعلام ومناخاته، حيث يتم استثمار هذه السمات لتكون في خدمة بيت القرار فتقوم على ايجاد ثلاثة تشكيلات مهمة، منها من يسبق القرار وفيها يصاغ القرار ومن خلالها يصان القرار.
فان التعددية وحدها قادرة على تشكيل مجموعة اراء موضوعية يمكن اختيار واحدة منها او تشكيل صيغ جديدة تكون محصلة في صياغة القرار، كما ان التعددية يمكن تحويلها الى منهج ديموقراطي يمكن اتخاذ القرار عبره من خلال احكامه التي تقوم على الاحتكام للاغلبية او للمرجعية في احكام اخرى، كما صيانة القرار ومناخات حمايته لا تتاتى الا من خلال حماية الراي الاخر لبيت القرار، لذا كانت منظومة العمل التي تقوم على جملة التعددية والحرية والديموقراطية هي المنظومة التي ميزت شعبنا وامتاز بها.
من هنا تأتي قوه المجتمع ومن على هذه الارضية تنطلق رسالته، وهي التي تجمع في الغالب ما بين الموقف الرسمي والتطلعات الشعبية من حيث التباين، كما تجمع بين مكنون الحقيقة ومضمون الانطباع في الاطار الموضوعي، وهي التي تشكل في ذات السياق عنوان الجملة السياسية في بيت القرار والتي تتكون من زاوية مصلحة المجتمع وان كانت تغلف بغلاف مشاعر المجتمع حيث تتشكل الحواضن بشجون ابنائه، فان التعددية شكلت دائما ارضية التضاد التي تشكل منها الكون بموجوداته، ومناخات الحياة للانسان وطبيعة خلقه، لذا كانت دائما البيئة الافضل لمعيشته ولممارسته نشاطه.
فان البيئة الافضل لتحقيق درجة الامان للمجتمع لابد ان تنطلق من الاصل المبني عليه الوجود القائم على التضاد لذا كانت مسالة تباين الاراء في المجتمع تشكل الاصل والاختلاف وهو الطبيعي وكما ان الاستثناء يقوم على الاحادية في الشكل والمضمون وهذا مرده لاختلاف زاوية النظرة للامور كما للقضايا، وان خير الاحتكام يكون للاغلبية او لمؤسساته الدستورية والقانونية، لذا كانت التعددية من تحمي بيت القرار وتصونه، فكلما كانت الحريات مصانة ووسائل التعبير محمية تعزز مكانة بيت القرار وكانت دوائر تاثيره اوسع وعمق اثره اعمق، وهذا ما يعزز من درجة المنعة للمجتمع ويقوي من نسيج روابطه بما يقويها يجعل منها ذلك الدرع القادرة على التصدي لكل التحديات مهما عظمت.
والاردن هو يواجه تحديات داخلية صعبه تقوم معادلتها بين الوباء والاقتصاد واخرى خارجية تقوم على حماية مصالح الدولة بامنها واستقرارها بموازاة الظروف الاستثنائية لقضايا مركزية من الاحداث تؤثر على اجواء المنطقة برياح فيها من التجوية ما يرسم صور جديدة لم تكن قائمة وفيها من التعرية ما يكشف اللثام على وقائع لم تكن ظاهرة، وفي المحصلة يقتضي التعاطي معها فان العمل على تعزيز مناخات التعددية وابراز الصورة الديموقراطية والحزبية سيؤدي الى حماية بيت القرار من هذه الهزات الجسام، ما يمكن الاردن للانتصار على هذه الظروف الصعبة والاستثنائية، وهذا دائما شكل وسيشكل مكمن الارادة الواثقة من حتمية الانتصار.
(الدستور)