في ضوء ما يدور اليوم من حديث حول ما أفرزته نتائج امتحانات الثانوية العامة لهذا العام ، وفِي ضوء القرار الصادر عن مجلس التعليم العالي الموقر، المتضمن الموافقة على المبادىء العامة للقبول الجامعي للعام 2021 / 2022 ؛ فإنني أَجِد أن من واجبي بوصفي أولاً أستاذاً في الإدارة التربوية في الجامعة الأردينة، وثانياً لأنني تشرفت بالعمل في المجالَين: التعليمي؛ والتربوي عقوداً طويلة، وكانت لي الحظوة بالاطلاع عن كثب على تجربتهما ؛ ونجاحاتهما؛ وإخفاقاتهما، أن أقف مليّاً عند هذين الموضوعين المهمين : بحثاً؛ وتفكيراً؛ ورؤية.
فبالنسبة لنتائج امتحان الثانوية العامة؛ فإنها بحاجة ماسّة للقراءة والتحليل والتقييم ؛ وهي مهمة- في اعتقادي- منوطة بكليات العلوم التربوية في الجامعات الأردنية، والأساتذة الزملاء من التربويين الأفاضل الذين هم رواد في مجال البحث والتطوير التربوي بما يخص تطوير الامتحانات والمناهج والإدارات المدرسية والقيادات التربوية بشكل عام، وهو ما يميزهم عن غيرهم، ويجعلهم الأكثر قدرة على الاضطلاع بهذه المهمة النبيلة، فهم الذين أخذوا على عاتقهم، منذ سنوات طويلة، تناول القضايا التربوية: بحثاً؛ وتحليلاً؛ واستشارة؛ وتدريساً.
لهذا كلّه، فإنني أرى أن بإمكان عمادة كلية العلوم التربوية في الجامعة الأردنية ، التعاون مع عمادات كليات العلوم التربوية في الجامعات الرسمية والخاصة من أجل بلورة رؤية واضحة ومحددة للنهوض بالمدارس التي لم يستكمل أيٌّ من طلبتها متطلبات النجاح، وتلك التي كانت فيها نسب النجاح متدنية، مع الأخذ بعين الاعتبار نسبة الذين تسربوا من الامتحان، والإجابة بموضوعية ومنهجية عن الأسباب الكامنة وراء ذلك، فهل تعود مثلاً الى قلة دافعية الطلبة، أم الى افتقار هذه المدارس الى الكفاءات التعليمية المتخصصة والإمكانيات والتجهيزات الضرورية؟ ومن ثمّ يتم تزويد وزارتي التربية والتعليم والتعليم العالي بهذه الرؤية؛ لأننا إذا أردنا التحديث والتطوير والتقييم الإيجابي؛ فعلينا عدم إغفال هذه الأمور الهامة.
كما يمكن أن تناط بهذه العمادات التربوية مهمة دراسة قرار مجلس التعليم العالي بخصوص امتحان القبول الجامعي، وتحديد آثاره الإيجابية أو السلبية، واقتراح النموذج الأفضل لتلافي أي ممارسات سلبية عند التطبيق العملي؛ لأن حداثة التجربة يجب ألا تكون عذراً للوقوع في الخطأ .
آملا أن تكون تلك الأفكار والرؤى، مقدمة لعصف ذهني (في حرم الجامعة الأردينة)، يدعى إليه كلُّ أصحاب الشأن؛ ليكون هدفها وهاجسها رفع سوية التعليم بشقيه: المدرسي؛ والجامعي، وتحسين جودته؛ وزيادة تنافسيته وإزالة الخوف والرهبة من نفوس أبنائنا الطلبة، وتجنيبهم أي إخفاقات قد تنجم عن القرارات التربوية الآنية المتسرعة وغير المدروسة بعناية .
حفظ الله أردن الخير أنموذجاً للأوطان التي تُبنى بالعلم والمعرفة في ظل قيادتنا الهاشمية الحكيمة . والله ولي التوفيق