دراسة تفسر علاقة قديمة جدا بين النمل الحفار والبكتيريا
17-09-2020 02:22 PM
عمون - كشف باحثون من جامعة مكغيل الكندية الخطوات التي أصبح من خلالها نوعان من الكائنات الحية (بكتيريا بلوتشمانيا والنمل الحفار) يعتمدان على بعضهما البعض من أجل البقاء، ومن أجل تكوين حياة واحدة ذات شكل معقد.
علاقة عمرها 51 مليون عام
تظهر الدراسة، التي نشرت في الثاني من سبتمبر/أيلول في دورية "نيتشر" (Nature)، وتناولها بيان صحفي صادر عن جامعة "مكغيل" ( McGill University)، أن نوعين من الكائنات الحية تعاونا لإحداث تغيير جذري في جنين النمل، مما سمح بحدوث هذا التكامل.
ويشكل فهم آلية حدوث عمليات التوحد تلك وكيفية تطورها لغزا كبيرا لعلماء الأحياء. ويعتقد عالم الأحياء، والمؤلف الرئيس للدراسة إيهاب أبو هيف أن هذه المعطيات تسمح بفهم أفضل لأصل الكائنات الحية المعقدة.
أقامت بكتيريا "بلوتشمانيا" (Blochmannia) وأعضاء من قبيلة "نمل كمبونوتيني" (Camponotini ant) -وهي من أنواع النمل الحفار شديدة التنوع- علاقة تكافلية تعود إلى 51 مليون عام.
حينها لم يكن ممكنا للأنواع أن تبقى على قيد الحياة دون الاعتماد على بعضها البعض (ما يطلق عليه علماء الأحياء التعايش الجواني).
ويعتقد أن النمل قد ابتلع في البداية البكتيريا من الحشرات الثاقبة الماصة التي تعرف بنصفيات الجناح أو البق الحقيقي (hemipteran bugs)، والتي يتشارك معها المثوى أو المكمن البيئي.
وتساعد البكتيريا التي تعيش داخل خلايا النمل، على تنظيم توزيع العمال داخل مستعمرة النمل من خلال تعزيز قدرة النمل على توليف الغذاء. وبدوره يؤمن النمل للبكتيريا بيئة خلوية محمية مما يوفر لها البقاء من جيل لآخر. غير أنه ما زال غير واضح كيف اجتمع هذان النوعان.
تطوّر جذري للجنين
بدأ الباحثون بدراسة الجينات التي تنظم الخط الجنس وهو خط الخلايا التي تمتلك مواد وراثية يمكن توريثها للنسل، ومراقبة البكتيريا التي تحيط وبشكل كامل بالخط الجنسي.
يشير طالب الدكتوراه في مختبر البروفسور أبو هيف "أرجونا راجاكومار"، وهو المؤلف المشارك الأول للدراسة، إلى أنه وبدل أن يكون الخط الجنسي متموضعا في مكان واحد في البويضة، مثل باقي الحشرات، فإنه متموضع في 4 مواقع. ولم ير أحد أمرا مماثلا في أي حشرة أخرى.
ويقول الباحث ما بعد الدكتوراه في مختبر أبو هيف "متين رفيقي"، وهو يعمل في جامعة "بزمي عالم الوقفية" (Bezmialem Vakif University) في إسطنبول "فوجئنا أيضا بأن جينات النحت التي تتحكم بخريطة جسم الجنين، وتأتي متأخرة في نمو الجنين تظهر بشكل مبكر جدا، وتتموضع في النقاط الأربع عينها التي يتموضع فيها الخط الجنسي".
يلفت أبو هيف إلى أن "تموضع الجينات في 4 نقاط مختلفة يخلق نظاما للتنسيق في جنين النمل، إذ تؤدي كل جهة وظيفة مختلفة لدمج البكتيريا".
خطوات التحول
تمكن الباحثون، ومن خلال العمل على أكثر من 30 نوعا وثيق الصلة بالنمل، من فهم خطوات عملية التوحد، واكتشفوا أن الاندماج حدث في سلسلة من الخطوات من قبل الأجنة، حيث كان الخط الجنسي متموضعا في نقطة واحدة، إلى أن تواجد وجينات النحت في 4 نقاط في النهاية.
ومع ذلك، كانت المفاجأة الكبرى أن الأجنة التي تتموضع فيها الجينات في نقطتين قد تطورت قبل الاندماج بين النوعين. وهذا يعني أن هناك قدرة مسبقة لتطوير نقاط جديدة داخل أجنة النمل، والتي يمكن للبكتيريا أن تستغلها لإحداث تغييرات جذرية في نمو الجنين ودمج النوعين.
يقول أبو هيف "نقترح فكرة جريئة مفادها أن الخطوات التي اكتشفناها في كيفية اندماج البكتيريا والنمل معا في علاقة تكافلية ملزمة ستساعدنا في فهم أفضل لعمليات اندماج رئيسية أخرى، أدت إلى ظهور أشكال حياة معقدة، كدمج الكائنات أحادية الخلية لتشكيل كائنات متعددة الخلايا".