احتفل اليهود بافتتاح "كنيس الخراب" في القدس المحتلة وعلى مقربة من المسجد الاقصى, على امل البدء ببناء الهيكل الثالث مكان الحرم القدسي الشريف حسب الاساطير والمزاعم اليهودية...!!
و"كنيس الخراب" هو عنوان "مرحلة الخراب" فاسرائيل تواصل تهويد القدس المحتلة والاراضي الفلسطينية كافة.
بعدما نجحت في اضعاف السلطة الفلسطينية وانتزعتها من حول طاولة المفاوضات عبر المبادرة الامريكية الجديدة بالتفاوض عن بعد, واعني المفاوضات غير المباشرة التي اعادت القضية الى بداياتها اي الى ما قبل مؤتمر مدريد...!!
الان, اسرائيل تعيد انتاج المشهد في منطقة الشرق الاوسط في غياب كامل للوعي العربي, وبعد اخلاء مقعد المفاوض الفلسطيني, وبعد نجاح حكومة نتنياهو باحلال الحل التوراتي واستبعاد الحل السياسي لمسألة الصراع الفلسطيني - الاسرائيلي, عبر مشروع تهويد كامل يبدأ بتهويد القدس ويزحف الى الضفة الغربيةثم يطال الفلسطينيين في الجليل والساحل والنقب اي في فلسطين المحتلة عام 1948 تحت عنوان "يهودية الدولة"...!!
امام هذا المشروع اليهودي المخطط له باتقان لا يوجد مشروع عربي مقابل, ولا خيارات عربية بديلة, بعد التخلي عن مبادرة السلام العربية او تجاهلها..
وعملية ترميم "كنيس الخراب" والاحتفال بافتتاحه يمثل واحدة من الخطوات العملية التي تنفذها اسرائيل, ضمن المخطط المرسوم, لتهويد القدس وتحويلها الى حديقة يهودية, واعتقد ان الخطوات اللاحقة تتمحور حول تضييق الخناق على المقدسيين العرب لاجبارهم على الهجرة او بيع منازلهم وممتلكاتهم التي ستكون خاضعة للهدم او الضم او المصادرة بأوراق مزورة واوامر قضائية اسرائيلية...
وما يحدث في القدس الان هو بوابة مصراعاها على بداية مرحلة صعبة, ليس في فلسطين فحسب, بل في العراق وسائر المشرق, لان هناك "طبخة ما" يشترك في اعدادها اسرائيل والولايات المتحدة, وما الحديث عن خلافات مزعومة بين الحليفين الا لاثارة الغبار للتمويه والتغطية على الخطة المشتركة لتصفية قضية الشعب الفلسطيني وانهاء الصراع العربي الاسرائيلي بأقل التكاليف...
تريد اسرائيل التركيز على "الحل المقدس" باستخدام الخرافات والاساطير والخطاب السياسي الديني لاشراك كل يهود العالم بدعم اسرائيل وفق »الحل التوراتي« الذي ستكون حدوده غربي النهر وشرقه, وهذا يعني الضغط لاقحام الاردن وادخاله في حدود الحل المنتظر المزعوم...!!
لذلك, يجب ان لا نستهين بالتطورات في الداخل, وخصوصا بعد تلاشي الدور الفلسطيني وانعدام تأثيره, بعدما تحولت السلطة الفلسطينية كعصفور مرعوب يرتجف امام افعى مدججة بانياب سامة فتاكة... والقبول بنظرية القضاء والقدر واسقاط ورقة المقاومة بكل اشكالها رسميا!!
نعم, نقف الان على ابواب مرحلة صعبة جدا... ليس في فلسطين فحسب بل في العراق ايضا, وقد كان الرئيس الامريكي اوباما صادقا عندما اعلن ان العراق سيشهد اياما صعبة ... وهذا يعني اننا نقف بين نارين, وهو الواقع الذي يحتاج الى التأهب والبحث في خيارات اردنية وعربية الان وليس غدا...
وقد يكون انعقاد القمة العربية في طرابلس بعد ايام قليلة مناسبة لبحث هذه المسألة بجدية ومسؤولية واعتقد ان تطورات الوضع في القدس وكل فلسطين تستحق ان تحتل الاولوية في جدول اعمال القادة العرب, قبل اشتعال النار وتصاعد اللهب في فلسطين والعراق بوقت بواحد بوقت "الخراب", اذا لم يرتفع الوعي الرسمي والشعبي الى مستوى المسؤولية التاريخية المصيرية....
Kawash.m@gmail.com
العرب اليوم.