التعلم عن بعد .. الإنفعال لا يصنع فرْقا
د. نضال القطامين
16-09-2020 04:04 PM
تتسارع تداعيات وباء كوفيد 19، في منتصف الإضطراب تتكدّس الملفّات الشائكة.
جبهات العشائر تشتعل في سياق التحشيد لمرشحي المجلس التاسع عشر، حيث يستأنف الناس إدارة عجلة الإفراز ذاتها والدفع بمزيد من مشاريع الساسة نحو استعراضات جديدة، تركض في مضمارها خيول الكلمات.
الحكومة حائرة بين مطرقة اعتماد "التعليم عن بعد" بديلا لاتقاء الانتشار، وسندان التعليم الوجاهي المحفوف بمخاطر تفشّي الوباء.
لكنها تُقسم بأنه بديل ناضج عن الدوام الميداني، وهي تعلم أن الأمر في الواقع المرير غير ذلك، لكنها تصر على ان المعايير العالمية ليست سوى محض رفاهية زائدة، فتغض الطرف عن مراجعة شاملة لتقييم التجربة، وتستمرىء التصريحات الإنفعالية التي لا توفر سوى حلولا آنية هي في الواقع مقامرة بجيل كامل من نشءٍ يحتاج معلما ودفترا ولوحا، كي يخرج من أنفاق إجابات الآباء والأمهات والإخوة، ومن العلامات الكاملة في المواد التي لا يعرف عنها شيئا.
ابتعد فريق اداره الازمه عن الحظر الشامل، وقد أفصحت الحكومة تباعا أننا في مراحل التكيّف مع الوباء والتعايش معه، لكننا لم نر خطط استجابة لهذا الواقع المتغيّر، في التعليم مثلا، حيث تواظب على إصدار القرارات الخجولة المتسرعة الآنية غير القابلة للتنفيذ، وتدير ظهرها للنخب الأكاديمية التي تسلّحت عبر سنيّ خدماتها بخبرات عالمية تمكنها على الأقل من المساعدة في إنفاذ خطط تحفظ لنا مستوى التعليم الآخذ بالتراجع والقهقرى شيئا فشيئا.
من المهم أن نكون أكثر استعدادا فيما يتعلق بالتعليم، المدرسي والجامعي، حيث يتوجّب علينا أن نوقن تماما بأهمية التفكير خارج الصندوق واجتراح حلول خلاقه بقرارات حصيفة غير مرتجلة ولا مرتجفة، قرارات تحدث فرقا وتقفز بنا إلى مستويات الدول المتقدمة، تستند إلى خبرات حقيقية مجرّبة، وتضع هذا التحدي في أولويات العمل الوزارات المعنية، وتحيله إنجازا يمنحنا قيما مضافة في الإقتصاد ويجعل التعليم العالي مصدرا مهما لدعم اقتصادنا الذي نتباكى على ضعفه كل يوم.
تستدعيني الاحداث المتسارعة، تلك المتعلقة بانتشار الوباء بنحو واسع، أن أذكّر مرة أخرى بوجوب إجراء مراجعة شاملة لنهج التعلم عن بعد، وأن لا تقع مؤسساتنا التعليمية – الجامعات – دون أن تعلم، في أفخاخ استخدام الأدوات التقليدية، وفي الإعتقاد بأنها تحقق التواصل عن بُعد بين طرفي التعلّم، وأن تقترن هذه المراجعة بإحاطة شاملة بالنهج العالمي في هذا السياق، وفق عقول مفتوحة تساير التغيرات العالمية وتوافقها، حيث سيفتح هذا الإجراء الحاسم باب استقطاب الطلبة الوافدين على مصراعيه، وسيؤسس لقواعد مهمة للأجيال الحالية واللاحقة.
قبل ذلك وبعده، فنحن بحاجة لأرضية صلبة من الشفافية والنزاهة وديمقراطيات حقيقية تمكن الناس من إدارة بلادهم وتفضي إلى محاصرة الفساد المالي والإداري وفرض العدالة ووقف التبعية للأجنبي، كي تخطط للإفلات من كل الأوبئة الصحية والإقتصادية والإجتماعية، واليوم ونحن نتهيأ لانتخابات المجلس التاسع عشر، ونعلم أن إجراءها مرهون بالوضع الوبائي، فمن المهم أن ندرك في هذا السياق، أن مخرجات قانون الانتخاب الحالي تفرض دون جدل، أن ينخرط النواب القادمون في تدريب قسري على منحى التعامل مع الملفات الساخنة، السياسية والاقتصادية، وأن يعوا جيدا الآثار الاقتصادية والسياسية على المملكة والإقليم لتبعات نتائج الانتخابات في الولايات المتحدة وفي اسرائيل، والتغيرات الإقليمية المتوقعة وفق هذه النتائج، على أن يدرك الجميع، أن أمامنا طريق طويل وتجارب كثيرة كي نصل للمفهوم الحقيقي للديمقراطية في نموذجها العالمي المتقدم.