أجل من حق المحاكم التصدي لذلك
أ. د. كامل السعيد
15-09-2020 11:07 PM
قبل الاجابة على سؤال وردني من قبل أحد الأخوة الأفاضل بخصوص ما اذا كان من حق المحاكم على اختلاف انواعها البحث فيما اذا كان ما تصدره السلطة التشريعية أو التنفيذية من قوانين وقرارات واجراءات يشكل عمل من أعمال السيادة ام لا ؟
اسمحوا لي أن اصارحكم القول بأنه تتنازعني في هذه الظروف التي نعاني منها جميعا خاطرتان ، تتمثل أولاهما في التوقف عن الكتابة أو الاجابة بالنظر لما تعانيه نفسياتنا من متاعب اثر مهاجمة هذا الوباء اللعين لنا في عقر ديارنا.
في حين تتمثل ثانيتهما بعدم وجود تعارض بين الوباء والكتابة والاجابة بالاضافة الى انه لا يجوز ان تطوى الصحف ويجف ميدادها حتى لا تطوى الحياة قبل أن يكون سبحانه وتعالى قد قضى امرا بذلك.
وترجيحا مني للخاطرة الثانية اجيب على السؤال مستعينا بما كانت قد قضت به المحكمة الدستورية المصرية العليا في قرارها الصادر في جلسة 6-11-1971 طعن رقم (2) سنة (1) قضائية في قولها (تقوم نظرية أعمال السيادة على أن السلطة التنفيذية تتولى وظيفتين احداهما بوصفها سلطة حكم والاخرى بوصفها سلطة ادارة، وتعتبر الأعمال التي تقوم بها السلطة التنفيذية بوصفها سلطة حكم من قبيل أعمال السيادة ، والأعمال التي تقوم بها بوصفها سلطة ادارة أعمال ادارية , وواصلت قرارها بالقول بأن المحكمة الدستورية لا تتقيد وهي بصدد اعمال رقابتها على دستورية التشريعات بالوصف الذي يخلعه المشرع على تصرفات الحكومة وأعمالها متى كانت بطبيعتها تتنافى مع هذا الوصف وتنطوي على اهدار حق من الحقوق التي كفلها الدستور).
ان ما قضت به المحكمة المنوه عنها أعلاه واقتفى اثرها الفقه والقضاء في العالم العربي ، هو مبدأ دستوري ينسحب على جميع المحاكم مهما كان نوعها دستورية أم ادارية أو عادية.
فمن واجبها أن تتصدى لما اذا كان أي تشريع تصدره السلطة التشريعية أو أي اجراء أو قرار تصدره السلطة التنفيذية عملا من أعمال السيادة أم لا ، ولا يمنعها من القيام بواجبها هذا ما اذا كانت اي سلطة مما تقدم ، قد ضمنت عملها التشريعي أو التنفيذي بأن عملها هذا يشكل عملا من أعمال السيادة.
فإن تبين لها أن هذا العمل يشكل عملا سياديا خرج الأمر عن ولايتها وامتنع عليها رؤية ذلك العمل لأنه عمل يتمتع بالحصانة تعصم تلك المحاكم عن النظر فيه.