فيروس "كورونا" وسيكولوجية الجماهير
الدكتورة إخلاص أحمد
15-09-2020 07:03 PM
يقول العالم "غوستاف لو بون" في كتابه "سيكولوجية الجماهير" جملة مشهورة اقتبسها العديد من المفكرين، مفادها " الجماهير تشبه الأوراق التي يلعب بها الإِعصار ويبعثرها في كل اتجاه قبل أن تتساقط على الأرض".
فماذا يعني جمهور؟ الجمهور هو مجموعة من الافراد الذين يمتلكون خصائص عاطفية وفكرية معينة ومتشابهة في كثير من الأحيان لدرجة أن الفرد يصبح كالانسان الآلي يتبع نسق معين من التفكير.
المشكلة تكمن أن الجمهور يميل في تفكيره الى تصديق العواطف المتطرفة والشعارات النابعة من عرق ما داخل إطار ثقافي معين، ولذلك ولكي نتمكن من التأثير على الجمهور، يجب على الانسان المؤثر أن يمتلك الأدوات المناسبة لتلك الغاية.
قد نتساءل، ماذا سيحدث في تفكيرنا لو قابلنا اشخاص يجتهدون في تفسير واقعنا وما قد يحدث لنا مستقبلاً وسط جائحة كورونا؟ ستكون إحدى أبجديات الاجابة هي أنه قد يتحول فكر هؤلاء الافراد من الفوضى الى العبوديةأن يكون الجمهور تابع لشخص مؤثر، أو قيادي معين في المجتمع تاركاً سلوكه وافكاره تحت مظلة التبعية وبمعنى أدق العبودية لذلك المؤثر--وأحيانا أخرى وبسبب الأفكار المتسقة مع ثقافة الجمهور قد تتحول هذه الأفكار من العبودية الى الفوضى مره أخرى.
لنفرض أننا حاولنا زرع "الوعي الجماهيري" في التعامل مع السلامة العامة، والتي تعني كيفية التأقلم مع فيروس كورونا؟ فما الذي علينا عمله في هذا الصدد؟ اعتقد أن الإجابة على هذا السؤال تتطلب منا أولا أن ندرك أن هذا الوباء خلق حالة من التشتت الفكري غير المنسجم بين الجماهير. ولكن ما الذي أدى بالفعل إلى هذه الحالة؟ كما وضّحت سابقاً، أن الجماهير لا يمتلكون الشخصية الواعية والمتمكنة من أفكارها بالقدر الكافِ التي تنطلق منها مبادئ العقل النظري البحثي. من هنا فقط يأتي ذلك الفيروس الأقل مرئية والاقل تقبلا بين الناس ليهيمن على العقل اللاواعي في الانسان، وهو ذلك الجزء من العقل الذي يحاول التنبؤ بما ستؤول اليه الأمور. المشكلة الحقيقية إذن تكمن هي غرس روح فكرة " الوعي" في عقولهم.
ولكن هل يمكن التنبؤ بالسلوك الذي ستقوم به الجماهير في مواجهة مثل هذه الجائحة بعد تعريف الرؤية الفكرية والنفسية في روح الجماعة بين الجماهير؟ للإجابة السريعه على هذا السؤال علينا أولاً أن نتعرف على سيكولوجية الجماهير ونفسياتهم الخاضعة لقانون الوحدة العقلية الجماهرية والتي تعتبر الحجر الأساس في التأثير، هذا ما سيتم الحديث عنه لاحقاً. الى الملتقى قريباً.