نَعمْ بحق إنّه أمرٌ مُعِيب
السفير الدكتور موفق العجلوني
15-09-2020 12:02 PM
نعم انه بحق ودون مقدمات او تفاصيل او مبررات، انه امر معيب حقاِ ... هؤلاء اساتذة، ورؤساء جامعات قضوا عمرهم في الدراسة والتدريس والتعليم والتعلم واعداد الابحاث والدراسات ونشر العلم والمعرفة. كيف وصلوا الى هذه المناصب الهامة ... هل جاءوا بالباراشوت كما يأتي بعض الوزراء والسفراء وبعض المسؤولين من مدراء عامين وأبناء ذوات وعز وجاه ومنعمين؟ هل نسينا قول الشاعر أحمد شوقي:
قم للمعلم ووفه التبجيلا ... كاد المعلم ان يكون رسولا ...!!!
ما هذه الإهانة الى قامات علمية بهذا الأسلوب الذي يخلوا من ادبيات التربية والتعليم، ليس دفاعاً عن قامات اكاديمية لا تربطني بهم الا زمالة العلم والتعلم والأكاديميا، ولكن هذه اللغة الفجة البعيدة كل البعد عن أسلوب المخاطبة "بإعفاء القيادات العلمية" لا يقبلها عقل ولا منطق...!!!
حاولت الدخول في قواميس اللغة العربية والتي تعلمنا كيف نستعملها في المدارس والجامعات وكنا ننتقي أحلى المعاني والعبارات، لأجد معنى كلمة اعفاء؟؟؟ فكان الجواب الأقرب كالتالي: اعفاء من المنصب: التنحية – الازالة – الاستغناء عن الخدمات ...ومعاني عديدة لا يسمح المقام بتعدادها. اما بالإنجليزية فوجدت هذه المترادفات:
To dismiss, Discharge
To free, Release, Exempt
تصدرت شاشات محطات التلفزة الوطنية كما أشار الدكتور الرفاعي عناوين رئيسة تقول: اعفاء رئيسي جامعتين اردنيتين من مناصبهم بعد تقييم أداءهم - وبعدها ببضع دقائق ظهر العنوان التالي: “اعفاء رئيسي جامعة اليرموك وجامعة الحسين من مناصبهم. و. هذا يشير بلغتنا العربية انهما راسبين في امتحان التقييم.. وبالعامية "ساقطين “في التقييم. وباللغة الإنجليزية: Dismissed!!!. كان يجب التوقف عن ذكر اسم الجامعتين والاكتفاء فقط بـ " جامعتين اردنيتين " احتراماً واجلالاً لاسم الحسين واسم اليرموك، هذا على اقل تقدير ...!!!
اتفق مع معالي الدكتور طالب الرفاعي - هذه القامة الاردنية والتي اعرفها تشع ذكاءً وحكمة وعقلانية وفكراِ وتحليلاً وذوقاً وادباً رفيعاً وحضوراً على المستوى المحلي والمستوى الدولي، عرفتها في الداخل والخارج. عرفته وزيراً للسياحة ورئيساً لمنظمة السياحة العالمية، ورئيساً لعدد من المؤتمرات والندوات الدولية - في وصفة اعفاء رؤساء جامعات انه امر معيب ومعيب حقاً، ليس من حيث المضمون ... ولكن على اقل تقدير من حيث الشكل والأسلوب.
اتفق ايضاً مع الدكتور الرفاعي ان هذا امر معيب ليس فقط لشخص في مستوى رئيس جامعة بل لأي موظف عام في الدولة فليس هكذا نُعلم الناس بخبر كهذا. والتقييم الذي يتحدثون عنه، لماذا هو مقصور على رئيس الجامعة وليس على بقية المسؤولين في الجامعات الحكومية والخاصة او المسؤولين بشكل عام في الدولة؟ هل هناك تقييم حقيقي لأداء الوزراء؟ وخاصة وزراء الخارجية؟ ... وهل هنالك تقييم حقيقي للسفراء ...ومن خلال خبرتي في وزارة الخارجية هنالك نفر من وزراء الخارجية فوق كل تقييم فهم يقيِمون مزاجياً ولا يقيَمون وايضاً سفراء وسفيرات فوق كل تقييم ...VITALISIO!!! هل هنالك تقييم للنواب هل هنالك تقييم للمسؤولين في الدولة؟. ومن هو/هم مسؤول قبان التقييم، وما هي مؤهلاته/مؤهلاتهم.
اليس من العيب ان يسمع او يقرأ المسؤول قرار اعفاءه او تقاعده او الاستغناء عن خدماته من وسائل الصحافة والاعلام دون اشعار مسبق.
استذكر قبل سنوات كنت في زيارة للمباركة لمحافظين صدرت ترفيعاتهم، وبينما كانوا يتلقون التهاني من الأصدقاء والمعارف والأقارب، فاذا بهاتف امين عام وزارة الداخلية في تلك الفترة، يبلغهم أنه تم احالتهم على التقاعد!!! الم يكن بمقدور صاحب القرار انتظار فترة تهنئة هؤلاء الغلابا...!!! و. من ثم اصدار قرار بإحالتهم. على التقاعد ...!!!
واستذكر، لم يجرء وزير خارجية سابق على ابلاغ أحد السفراء انه تم احالته على التقاعد ليتفاجأ من خلال اتصال برئاسة الوزراء انه تم احالته على التقاعد بناء على اتفاق بين الوزير ورئيس الوزراء في ذلك الوقت لمجرد ان السفير انتقد وزير الخارجية.
واستذكر ان أحد مدراء الأراضي كان في اجتماع مع موظفي الدائرة، حيث فوجئ موظفي الدائرة بدخول المراسل وخاطب المدير العام، " قوم روح ما انت تقاعدت "، ورمى بوجهه كتاب قرار مجلس الوزراء بإحالة المدير الى التقاعد.
وهنالك باعتقادي عشرات الأمثلة التي لا يسمح المقام بذكرها.
لقد حان الوقت ان يكون هنالك أسلوب حضاري مؤسسي محترم يحترم كرامة الانسان وسمعته وتاريخية الوظيفي، وكرامته امام اهله واقاربه ومعارفه واصدقاءه، لا بل ان يشعر باحترامه وبتقدير إنجازاته. وان كان هنالك في تقصير ولا بد من الإشارة الية ضمن منظومة تقييم حقيقية تطبق على الجميع بشفافية وباحترام ادمية الانسان. رئاسة الجامعات والإدارة بشكل عام لا تعتمد على شخص واحد وانما فريق العمل المتكامل. وبالتالي تؤخذ الأمور بشموليتها والمقصر يحاسب ولكن بأسلوب حضاري وعلى اقل تقدير من حيث الشكل والأسلوب.
واختم حديثي بقول الشاعر إبراهيم طوقان:
لا تعجبوا إن صِحتُ يوماً صيًحةً ووقعًتُ ما بيـن البنـوك قتيـــــلا
يا مـن يريـد الانتحـار وجدتــــــه إنَّ المعلـم لا يعيـش طـويـــــــلا
وإذا أصيب القوم في أخلاقِهــــم فأقم عليهم مأتماً وعويــــــــــــلا