لو عدنا قليلا إلى الوراء، ما زال تصريح وزير المالية عالق في ذاكرتنا، حين أعلن أن الكلفة على الأردن 56 مصابا بكورونا والبقية تفاصيل.
تصريح التباكي على المصابين وقت ذاك تسلل إلى مشاعر البعض واستساغه بعد أن بدا ارتقاء بقيمة الإنسان وترجمة مباشرة جسدت مقولة الإنسان أغلى ما نملك فعلا لا قولا.
كان وقتها عدد المصابين برغم قلته مفزع للشعب والحكومة، واتخذت مؤسسات الدولة إجراءات مشددة لمحاصرة الوباء ونجحت في مواجهته إلى أن سجلنا صفر إصابات في بعض الأيام، وتذرعت الحكومة أيامها لتبرير التشدد في الاجراءات إلى عدم توافر الامكانات المالية اللازمة ومحدودية المستشفيات في استقبال أعداد كبيرة في حال تفشي الوباء لا قدر الله.
الان وبعد ستة أشهر ونيف من التعاطي مع هذا الفايروس، وصل عدد الإصابات إلى المئات بل إن عددها في يوم واحد ناهز عن عدد الاصابات في التسعين يوم الأولى منذ بداية الجائحة، ولا زالت تتعامل الحكومة مع الوضع ب "أريحية" غير مفهومة.
الحكومة من جانبها تؤكد أنها لن تلجأ إلى الحظر الشامل بعد أن مني الاقتصاد الأردني بخسائر قدرها خبراء بمئات الملايين إلى جانب الضغط المالي الملفت الذي تعرضت له بعض الفئات في المجتمع وتضررت من قرار الحظر الشامل.
لا يكفي أن تعلن الحكومة في بياناتها عن ضرورة التقيد بأمر الدفاع 11 فثمة إجراءات وقائية واجب اتخاذها في سبيل التقليل من الاختلاط وفي مقدمتها دوام المدارس، الذي بات مقلقا للأهالي والطلبة على حد سواء، إذ لم يعد مفهوما في ظل التزايد المستمر بالإصابات أن تنتظم الدراسة بشكل اعتيادي ومؤسسات التعليم العالي التدريسية معلق فيها الدراسة حتى إشعار آخر، وعلى وزارة التربية والتعليم أن يكون صوتها مرتفعا للحيلولة دون تسجيل إصابات جديدة في المدارس حيث لا يقبل أن ننتظر تسجيل مزيد من الإصابات بين صفوف طلبتنا ثم نتخذ قرار الإغلاق، فهذا يعبر عن قصر نظر وعدم وعي بتداعيات الفايروس وخطورته وسرعة انتشاره ويناقض التصريحات التي تصدر عن الجانب الحكومي.
ما دامت البقية تفاصيل، نطالب الحكومة أن تتعامل بجدية أكبر للحيلولة دون انتشار هذا الوباء، وأن تبحث عن طرائق وسبل من شأنها محاصرته ووضع حد تمنع فيه تفشي الوباء.