كانت قريتي أحسن القـُرى
بجبالها ووِديانها ... والذُرى
وبساطة الأجَدادِ ... والجَداتِ
والآباءِ والأمهاتِ ... والعـُمومة والخـؤولة
والجـِيرة والعشيرة ... والحِمى
قلوبهم مفتوحة ... وبيوتهم لا تُغلق
صباحاً ولا مساءً ... ولا وقت الضـُحى
موحدون ... ويتعاونون وقتَ الحصادِ
وعلى بيادرِ القمحِ ... وحَجرِ الرَحى
عزاؤهم واحد ... وفرحـُهم واحد
وكرمُهم للجميع ... وقتَ القِرى
مزارعونَ ... ورُعاةً ... وحطّابينَ ... وعسكرَ
أميّون ... لا يقرأون ولا يكتبون
لكنّ عقولهم تنبض بالذكاء
وبالصفاء ... ورجاحةِ التفكير ... والرؤى
فعاشوا في هناءِ ... وأسرعوا الخُطى
فأنجبوا الأحفادَ والحفيدات
حتى جاءتهم ذات يوم
سخونة الانتخابات
فما عادوا أشقاء ... ولا جيران
ولا من ذوي القـُربى
فاقتعلوا القمح والعوصلان
وشجر الزعرور ... واستبدلوه بالدُفلى
وأصبحوا يتنافسون أمام صنادق الاقتراع
كأعداءٍ وخصومٍ ... لا تاريخ بينهم
فلا تعرف فيهم المُعتدِي من المُعتَدى
ولا الخبر من المُبتدا
فقلوبهم أصابها العمى
وألسنتهم لا تعرف إلا الانتقاد
والشتائم ... والشكوى
*****
هذه حكاية قريتي
يا سيداتي ... ويا سادتي
تحوّل فيها كثير من المتنافسين
إلى مجرّد دُمى
وإلى حشواتٍ ... في انتخاباتٍ
وفي تكتلات
وكتبوا بألم الصابرين على الابتلاء
والمصائب والبلوى
حكايات مريضة لقادم الأجيال
عن أسيادٍ تحوّلوا إلى تابعين
وعن منارة كانت شامخة
فأغرقتها العتمة والظلام
فبكى عليها الغيارى
وطأطأ رؤوسهم حُزناً
أولئك الرجال ... الرجال
القابعين بأرواحهم وأجسادهم
تحت الثرى
ولكن ... إن كان لي من أملٍ خافتٍ
فهو في ثلّة من الشباب والشيّاب
الذين يؤمنون بأن الديمقراطية
هي في الوحدة والتعاون والتآلف
وصناعة المستقبل
وفي التنمية ... وإعلاء البُنى
لهذا كونوا سفراء لقراكم وبلداتكم
وحاملين لمشاعل المحبة والهُدى