الاصلاح مصلحة وطنية ام ضغط خارجي ؟
نبيل غيشان
15-03-2010 02:13 AM
خلال اقل من 24 ساعة حظي بعض من يسمون انفسهم "مؤسسات المجتمع المدني الاردني" بلقاء نائب الرئيس الامريكي جو بايدن و رئيس البرلمان الأوروبي جيرزي بوزك من اجل مناقشة خطط الاصلاح السياسية والاقتصادية والانتخابات النيابية المنوي اجراؤها في الربع الاخير من العام الجاري وبالتوازي كان هناك وفد اردني من تلك المؤسسات يزور واشنطن لنفس الغاية "الضغط على الحكومة الاردنية من اجل تسريع الاصلاح".
وحسب بعض الحاضرين فان نائب الرئيس الامريكي كان اكثر تحفظا في انتقاء كلماته ومواقفه من رئيس الاتحاد الاوروبي الذي اختار اسلوب التهديد المباشر للدولة الاردنية رابطا حنفية "المساعدات الاوروبية بالاصلاح والحريات العامة" وفي واشنطن تقول الاخبار بان "حجاج" واشنطن طلبوا من مضيفيهم هناك "تشديد الضغط على الحكومة الاردنية" لقناعتهم بأن الاصلاح بحاجة الى عصا.
رئيس البرلمان الاوروبي يركز على المعايير الدولية للاصلاح فيقول "لا يمكن فصل المساعدات الاقتصادية الاوروبية عن دعم ملفات الاصلاح بكافة أشكاله وعلى راسها الاصلاح السياسي".
انها نفس الاسطوانة التي تتكرر منذ سنوات والماكينة الاعلامية والدبلوماسية تتحرك تارة تحت شعار حقوق الانسان واخرى تحت شعار حقوق المرأة وحقوق الطفل و حقوف العمال الاسيويين وخادمات المنازل ونزاهة الانتخابات وسحب الجنسيات, الى ان وصل نصيب الاردن خلال اقل من سنة الى خمسة تقارير دولية كلها "تنبش وتشرح وتشوه".
ان عملية الاصلاح السياسي في الاردن رغم وجاهتها من الناحية الحقوقية الا ان ورودها مشروطة ومرتبطة باجندات وضغوط خارجية لا يمكن ان يقبلها الاردنيون بكافة احزابهم ونقاباتهم والوانهم السياسة, فلا احد يعارض اصلاح قانون الانتخاب من اجل ترسيخ العمل البرلماني وتجذير التجربة الحزبية وتوسيع قاعدة التمثيل الشعبي واعطاء المرأة حقوقها شريطة ان لا يكون ذلك تمريرا لمشاريع التوطين وتصفية القضية الفلسطينية على حساب الاردن و الحقوق الفلسطينية.
وعلى كل الاطراف الداخلية والخارجية ان تعي ان السياسة الاردنية تقوم على مبدأ "الاستقرار والامن" كقيمة لا يمكن العبث فيها تحت مسميات واهية, لان الضغط من اجل فرض الاصلاح المدعوم من الخارج يخلق "حساسيات" في بنى النظام والمجتمع الاردني وقد يحل مشاكل البعض لكنه يخلق اخرى اكثر حساسية.
وعليه فان اي ضغط خارجي لا يمكن اخذه من باب حسن النية بل يجب النظر اليه بريبة كبيرة وربطه بمشاريع وسيناريوهات تهدف الى تسهيل تمرير المخططات الصهيونية التي تحاول تغيير قواعد اللعبة الداخلية وتغيير معادلة التوازن الديمغرافي بما يهديد الهوية الوطنية وفرض الحلول التي تغير معادلة الحكم والدولة والنظام في البلد.
ان اي طلب خارجي او اصرار داخلي على اللعب في القوانين السارية من اجل حل اشكالية هنا او هناك, حتى ولو كانت محقه, بدون النظر الى مدى اتساقها مع المصالح العليا للدولة فانها ستكون دعوات مشبوهة تتناقض مع استرايجية الدولة في الدفع باتجاه اقامة الدولة الفلسطينية ومقاومة كل طروحات الوطن البديل.
الجميع ينتظر تعديل قانون الانتخاب والاولى ان نحث الدولة على وضع بنود سيادية واضحة تسحب ورقة المال السياسي الخارجي والداخلي عبر تحريم وتجريم التمويل الاجنبي لمرشحي مجلس النواب او للمجالس البلدية باي شكل من الاشكال, لان ليس من العدل تجريم الناخب الذي يبيع صوته بينما لا يطلب من المرشحين كشف حساب بالاموال التي يصرفونها على حملاتهم الانتخابية ومصادر تلك الاموال السوداء وارتباطاتها بالاجندات الخارجية.0
nabil.ghishan@alarabalyawm.net
العرب اليوم