خبراء إعلاميون للتدخل السريع
الصحفي خالد القضاة
12-09-2020 06:13 PM
راقبت أثناء وجودي بأمريكا عام 2001 كيفية إدارة مختلف الجهات ووسائل الإعلام لأحداث 11 سبتمبر والتي وقعت في نيويورك وكانت بالتسلسل التالي:
- خرجت الشرطة وقالت إن طائرتين تجاريتين اصطدمتا ببرجي مركز التجارة العالمي في نيويورك وتوقفت عند هذا الحد.
- الدفاع المدني وصف في تصريحاته وضع السلامة العامة في البرجين وقال انه هنالك دخان كثيف وصعوبات في الإجلاء والإخلاء، وقسم درجة الصعوبة وفقا للقرب عن الطوابق التي اشتعلت فيها النيران، أعلن عن عدد الذين تم إخراجهم من البرجين إضافة للعدد المتوقع للمحتجزين بسبب الدخان.
- خرجت وزارة الصحة تحدثت عن عدد المنقولين ليها وحالتهم الصحية وطبيعة الإصابات، وعدد المتوفين وحالة من يتلقون العلاج بدرجاتها المختلفة، إضافة لاستعداداتها للتعامل مع هذا الحادث بتجهيز مستشفيات ميدانية وتخصيص مستشفيات وتفريغها لهذه الغاية.
- بينما تحدثت هيئة الطيران المدني عن عدد الرحلات التي غيّرت مسارها وعدد ركابها وحجمها وكمية الوقود فيها والإجراءات التي قامت بها لتتبع المسارات الجديدة لتلك الطائرات.
وكل هذه الجهات كانت لديها تصريحات متتالية لوسائل الإعلام ولأكثر من مرة حسب توفر المعلومات وتطور الأحداث، وحرصت على تواجد مندوب مؤهل في مكان الحدث للرد على الأسئلة في المنطقة التي خصصتها الشرطة للصحفيين، والتي كانت في اقرب نقطة آمنة حتى يكون الصحفيون "شهود عيان" على مجريات الأحداث.
وبعد كل هذا الأحداث والتصريحات خرجت الدولة وقالت انه "حادث إرهابي"، فيما التزمت كل الإطراف في تصريحاتها باختصاصها، فم تصف الشرطة من قاموا بالعملية بالمجرمين او تشخص الحالة الصحية للمصابين ولم يعط الطبيب أوصافا تمييزية للمنقولين للمستشفيات لم يتدخل الدفاع المدني في مسارات الطائرات.
هذا التناوب أسس لتناغم في التصريحات ضمن عدم تضاربها، لان كل جهة كانت تتحدث ضمن اختصاصها والمهام التي قامت بها، ولم تمنع القيادة السياسية هذه الإطراف من التصريح ولم تفرض عليهم الإطلاع المسبق على تصريحاتهم، فهي واثقة بقدراتهم وتؤمن بأهمية إدامة سلسلة تدفق المعلومات، فقد كشفت التمارين الوهمية التي كانت تقوم بها تلك الجهات أهمية الإعلام في نجاح المهام المناطة بكل جهة.
ان وجود خبراء متخصصين بالإعلام في التعامل مع الأحداث وإدارة المعلومات وقت الأزمات لا يقل بأهميته عن وجود متخصصين في إخماد الحرائق ونقل المصابين ومنع انتشار الأوبة، والمحافظة مسرح الأحداث، وتتبع المتورطين، فخبراء الإعلام يوفرون لجميع هؤلاء وغيرهم بيئة حاضنة لجهودهم ومناصرة لهم، وعكس ذلك سيعمل كل هؤلاء تحت الضغط الشعبي وسينشغلون بالرد على الشائعات، وقد نشهد انسحابات منهم خوفا من النقد وتجنبا لسوء الفهم من العامة، او حتى التشكيك بقدرة الدولة وأجهزتها المختلفة بسبب التراشق الإعلامي بين مختلف الجهات وتضارب التصريحات والتعدي على الاختصاصات.
خبراء الإعلام هم أول من يدخلون ساحات الأحداث وأخر من يخرجون منها، وكل الدول معرضة لإحداث طارئة، ولكن الدول العميقة هي من تستفيد من تلك الأحداث، وتبني على الانجازات التي تحققت وتعلن عن الإخفاقات وتعد بتحويل تلك التحديات الى فرص للنجاح.