تعلن الحكومة رسميا عن حالات إصابة كورونا في المستشفيات، واذا كان القطاع الصحي يتعرض لغزوة من الوباء، فماذا يمكن ان نقول عن بقية القطاعات في الأردن؟
عشرات الإصابات في مستشفى البشير، وحالات في مستشفى الجامعة الأردنية، وحالات في مستشفى حمزة، وغيرها من المستشفيات، واذا كان اهم حصن في مواجهة الوباء يتعرض لهذا الواقع الخطير، حيث يظهر الوباء، ويتم اغلاق الأقسام هنا وهناك، فهذا يؤشر الى عدة قضايا، ابرزها انه بالرغم من كل الاحتياطات في المستشفيات، الا ان منع الوباء كليا، يبدو استحالة، كما ان وصوله الى المستشفيات، سوف يسبب كلفة عالية جدا، على المراجعين، وعلى من لديهم مواعيد في العيادات، او عمليات، وعلينا ان نتخيل فقط قدرة الانسان على المخاطرة بنفسه والذهاب الى مستشفى حكومي في ظل هذه الظروف اذا بقيت العدوى أساسا داخل مستشفيات الحكومة، ولم تصل لاحقا الى مستشفيات القطاع الخاص.
في دول عربية واجنبية، كان أيضا الأطباء والممرضون والاداريون وغيرهم الأكثر عرضة لهذا الوباء، اما بسبب مكافحته وتعريض انفسهم للخطر، واما بسبب وصوله اليهم عبر العدوى بواسطة المرضى او المراجعين، او الاختلاط الاجتماعي مع الاخرين.
مشكلة المستشفيات هنا، انها على ما يفترض مؤسسة الدفاع عن الناس صحيا، فإذا كانت المؤسسة التي تدافع عنهم، غير قادرة على حماية ذاتها، فهذا امر خطير للغاية، وأخطر ما فيه ان تفشي مزيد من الإصابات سيؤدي الى ضعف الخدمة او تراجعها او توقفها، فأين سيذهب الناس في هذه الحالة، امام احتمال تفشي الوباء، اكثر، او بسبب احتياجاتهم الثانية.
الجنرال وزير الصحة الذي كافح مع فريقه بكل قوة منذ بدايات الازمة، ونجحوا جميعا، مع بقية مؤسسات الدولة، بشكل جماعي، عبر الإدارة الصحية للأزمة في التحكم بها، بحيث لمعت شخصية الوزير، وارتفعت شعبيته، عاد وتعرض الى حملات واسعة، بعضها طبيعي بسبب الاخطاء، وبعضها غير منطقي وغير مهني في الأساس، خصوصا، ان الأخطاء والثغرات تحدث في هكذا ازمة تحل علينا للمرة الأولى في هذا العصر الحديث، لكننا لاعتبارات موضوعية في بعضها، ولاعتبارات ترتبط بالشعور بالضيق النفسي والاقتصادي من كل هذه الازمة، نصب كل غضبنا على من رفعه الناس الى اعلى مكانة، ثم سرعان ما تم الانقلاب، بشكل حذر منه كثيرون سابقا، فهذه ازمة تطحن الأخضر واليابس، ولا يجوز ان تدار بالعواطف، وقصائد الشعر، والفيديوهات، ودلق الكلام الجميل، يمينا ويسارا.
ارقام كورونا في الأردن منخفضة جدا، مقارنة بكل دول الجوار، حيث الضفة الغربية الأقرب الينا، ارتفعت فيها الحالات مؤخرا الى الف حالة، في ظل وجود قطاع صحي ضعيف ، فيما كينونة الاحتلال ارتفعت فيها الإصابات الى أربعة الاف حالة يوميا، وهذا يعني إضافة الى بقية ارقام الدول العربية ودول العالم، ان الوباء باق ويتمدد، ويضرب كل شيء، ويهدد بسقوط الأنظمة الصحية في دول كثيرة، حيث لا افق حتى الان لوجود لقاح.
لكن علينا ان لا نستسلم، فقد ارتفعت الأرقام، خصوصا في قطاع المستشفيات، وبدأت الأرقام ترتفع في المدارس أيضا، الا انني كما اشرت نقرأ ارقام المستشفيات بطريقة مختلفة، لان تفشي الوباء، سيؤدي الى تعطيل المستشفيات، جزئيا او كليا، وعندها سنقف امام ازمة كبرى، تفرض على وزير الصحة والحكومة منذ الان، إعادة مراجعة كل التدابير داخل هذا القطاع.
فكرة التعايش مع الوباء، مكلفة، مثلما هي فكرة الاغلاق الكلي للتعامل مع الوباء، وكل هذا يعني ان الفرد بات مسؤولا الان عن سلامته الشخصية، وسلامة عائلته، لكننا بكل صدق نعيد التذكير بالخطورة الكبرى لتسلل الوباء الى المستشفيات، وما يعنيه ذلك استراتيجيا.
يبقى السؤال: اذا تفشى المرض أكثر في المستشفيات وأدى ذلك الى حجب الخدمات او اغلاق بعض الأقسام او المستشفيات، فكيف سيحصل الناس على رعايتهم الصحية، بشأن بقية الامراض، واجراء العمليات، خصوصا، ان كورونا ليست وحدها التي تؤذينا؟!
(الغد)