حتى قبل النسبة غير الصادمة لمعدل البطالة كانت كل المؤشرات تذهب إلى أنها أي البطالة لم تعد ظاهرة بل توطنت بالنظر الى المنحنى التصاعدي لها..
للمرة المليون نكرر أن المشكلة هي في الإخفاق برفع معدلات النمو الاقتصادي وفي نظام التعليم بدليل أن معدل البطالة كان مرتفعاً بين حملة الشهادات الجامعية، حيث بلغ 26.6% مقارنة بالمستويات التعليمية الأخرى.
صحيح أن وباء كورونا كان سببا في ارتفاع المعدل المرشح لمزيد من الصعود لكن الصحيح أيضا أن سياسات الإغلاق والحظر وتعطيل العمل لشهور سببا أكثر تأثيرا في فقدان أعداد كبيرة لوظائفهم، وبينما ضمنت الحكومة رواتب القطاع العام بانتظام كان القطاع الخاص يتلقى الضربات القاسية ولولا أوامر الدفاع لكان معدل البطالة أعلى بكثير.
ارتفاع معدل البطالة على هذا النحو يعني أن الانكماش الاقتصادي بدأ يتعمق وأن الحلول يجب أن تذهب بإتجاه واحد وهو إعادة النمو ولن يتم ذلك إلا من خلال خلق مشاريع جديدة وفتح الباب واسعا أمام الإستثمار بمزايا وحوافز كبيرة وهو يعني أيضا تسريع الإنفتاح بعودة واسعة النطاق للسياحة وغيرها من القطاعات المولدة لفرص العمل.
إذا كان نمو الناتج المحلي الإجمالي يكسب الاقتصاد وظائف جديدة ويحسن مستوى القائمة فأن الانكماش الاقتصادي أي انخفاض هذا الناتج لن يكسب الاقتصاد أية وظائف فحسب بل سيفقده وظائف قائمة ويخفض مستوى مداخيلها وهو ما حصل فعلًا في ظل الركود الناجم عن الإغلاقات عندما سمحت أوامر الدفاع بتخفيض الرواتب والأجور.
من المؤكد أن الوظائف في القطاع العام ستبقى ثابتة فهي لم تتاثر بالأزمة ومن غير المتوقع ان تتاثر بعدها الا في حدود الوظائف الجديدة أو ملء الشاغرة الأمر الذي لن يكون متاحا، وإذا كانت الحكومة ملتزمة أخلاقيا وأدبيا واجتماعيا بالحفاظ على الوظائف فيها تحقيقًا لدورها الأبوي الذي ترسخ بقوة، يبدو ان القطاع الخاص لن يستطيع لعب هذا الدور ليس لرغبة منه بل لان الانكماش سيدفعه إلى هذه الخيارات وهو مرشح بقوة لمرحلة فقدان وظائف قدرتها بعض الدراسات بأكثر من ١٤٠ الف وظيفة في قطاع الشركات المنظمة ومن غير المعروف حجم العمالة التي ستخسر مقاعدها في القطاع غير المنظم.
ما زال يتم تأجيل فقاعة البطالة بالحلول المصطنعة وعشرات العناوين لمشاريع التشغيل والتدريب التي لا تستهوي المتعلمين والحكومات لا تريد أن تقر بأن النمو الاقتصادي هو الحل الأمثل والحقيقـي لمشكلة البطالة.
qadmaniisam@yahoo.com
الرأي