يا عيال (هارفرد) .. من يزرع الريح لابد أن يسكن قلب الزوبعة
فلحة بريزات
09-09-2020 04:05 PM
في الرواية لا تكتمل الحبكة إلا إذا حملت في طياتها بذور الشقاق، وصراع الإرادات حول الرؤى والأفكار، ومسارات الارتفاع والهبوط، وصولا الى أن يقبض أحدهما مفتاح العقدة، وحلها بأفول النجم الرئيسي من المشهد.
على أرض الواقع يتشابه الحال حد التطابق؛ فصراع الإرادا يطل برأسه بين جبابرة الحكومة، وقد غاب الوصال ،والإتصال بين أعضائها، وإن رغب كبيرها إلباس حكومته ثوب الحكمة والعقل، وسيادة الوئام بين إخوة يوسف، إلّا أنّ نذر الانشقاق تقتضي تسكين الأزمة (لِيَقْضي اللَّهُ أَمْرا كَانَ مَفْعولا).
بالأمس القريب أغلق وزير المالية الدكتور محمد العسعس الباب بمفتاح الوّد الماكر على كتاب رئيسه الذي تمنى عليه، -وعلى استحياء- شمول شريحة ممن خدموا في ميادين العسكرية من رتبة ملازم إلى نقيب، دراسة منحهم إعفاء جمركيًا أسوةً برفاقهم الذين تقدموا عليهم بالرتب، لكن الوزير قدم مبررا هزيلًا لا يرقى إلى فن الممكن في السياسة فجاء الجواب وبلا استحياء ...لا مجال فالميزانية تحت خط الفقر .
صورة ثلاثية الأبعاد تقول: لا انسجام بين الرئيس وطاقمه، والفريق يهبط عليه مرض الهذيان عندما يتعلق الأمر بتحقيق عدالة غير ناجزة للأردنيين، لا خيارات أمام الرئيس ليحمي حلمه من الإجهاض قبل أوانه إلّا بتغيير أدواته.
إذًا، الساعة البيولوجية لا تعمل لصالح الرئيس؛ فهذا التناقض بين الفعل وردة فعله، والإزدواجية في الرغبة ونقيضها تؤشر الى انعطافة مقلقة في مركب الحكومة المستورد والمرقع؛ فمن يزرع الريح لا بد أن يسكن في قلب الزوبعة .
في ثنايا هذا الموضوع لا نعلم أي الشخصين الأدهى، وهل كان التفكير أحادي الجانب من لدن صاحب ولاية رغب في حرق وزير ماليته في إطار تكتيتي أو خطوة وقائية لغايات يعلمها هو، ويجهلها الوزير، أو أنها تفاهمات ضمنية قَبِل بها العسعس لتمد في عمر رئيسه.
أما المرافعة التي تلاها علينا الوزير، وغاب عنها حسن الخطاب؛ فقد حملت جملة من الأعذار تظهر حرصه الأعمى على صيانة أموال الدولة المنهوبة بمفهومها الضيق لسياسة النخبة التي يمتهنها عيال (هارفرد) بحق أبناء التين والزيتون، ومن هم على حواف البقاء.
تكبر صدماتنا الوطنية كل يوم، ومعزوفة الأمن الإجتماعي التي انطلت علينا في بداية العهد ستبقى تحمل علامة الصفر لعل أن تعيها آذان صاغية إلى أن تصبح حقيقة أن الأردني هو الأغلى.