لا يمكن النظر لإجراء الانتخابات النيابية في ظرف استثنائي كالذي تعيشه البلاد كما العالم نتيجة لانتشار فيروس كورونا على أنه حدث عادي، أو عابر لهذا الظرف الذي كان له تبعات سلبية على كافة القطاعات محليا ودوليا، حتما هو حدث يحمل الكثير من التحديات في امكانية إجرائه وقد حقق توازنا ما بين النزاهة والديمقراطية، وبين سلامة وصحة المواطنين.

جلالة الملك عبد الله الثاني قبل أيام أكد خلال لقائه بحضور سمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، ولي العهد، في قصر الحسينية وجهاء وشخصيات من بضع محافظات، «أننا مقبلون على استحقاق دستوري وانتخابات نيابية»، فهو الحسم الملكي بأن الأردن مقبل على اجراء الانتخابات، ولذلك دلالات غاية في الأهمية بأن الأردن «قادر» سواء على على تجاوز تحدي كورونا، وكذلك على تطبيق هذا الاستحقاق الدستوري بنجاح.

ورغم تطوّر الوضع الوبائي في المملكة، وزيادة عدد الإصابات، إلاّ أن الأمور حتى اللحظة ووفق آراء طبية لا تزال تحت السيطرة، وفي إجراء الانتخابات دليل على أن الأردن لا يزال يقف في مساحة آمنة في التعامل مع هذا الوباء، وهذا لا يعني أننا تجاوزنا معركتنا ضد الوباء، إنما نحن نواجهه بشكل صحيح، وفي ظل قيادة تعيش مع المواطن تفاصيل الأحداث وبتعاون المواطنين سنكون يوما ما بإذن الله في موقع مطمئن.

ولا نبالغ في حديثنا عن الانتخابات النيابية عندما نقول أن الهيئة المستقلة للانتخاب ومنذ أربع سنوات، أي بعد انتخابات 2016 بدأت تعمل على إجراء انتخابات المجلس النيابي التاسع عشر، من خلال خطط عمل متعددة ومتنوعة المهام ما بين فنية وإجرائية، وتثقيفية وتدريبية، وغيرها من تفاصيل العملية الانتخابية، وفور صدورالإرادة الملكية السامية بإجراء الانتخابات قرر مجلس مفوضيها تحديد موعد الاقتراع، وتبع ذلك إجراءات فورية كان من أبرزها إجراء تعديلات موسعة على التعليمات التنفيذية لإجراء الانتخابات تتناسب وظروف «كورونا» بشكل يتم خلاله إجراء الانتخابات مع الحفاظ بشكل حاسم على صحة المواطنين وسلامتهم.

لم تترك الهيئة المستقلة للانتخاب، باب قلق واحدا أو حتى شكّا بخطوة أو مرحلة معينة في الدورة الانتخابية، يمكن من خلالها وضع فرضية المس بصحة المواطنين، فوضعت أدوات ووسائل لضمان إجراء الانتخابات وفق منهجية صحية آمنة، اضافة لسعيها لإجراء الانتخابات وفق أعلى درجات النزاهة والشفافية، والديمقراطية، في خطوات بدأتها وتمضي لتحقيق أخرى، لتكتمل الصورة بشكل مثالي.

اجراء الانتخابات النيابية، في هذه الظروف لا يحمل فقط بعدا واحدا خاصا بإجرائها، إنما يحمل أبعادا أخرى غاية في الأهمية، تؤكد أن الأردن يسير نحو الأفضل، وقادر على تجاوز الصعاب أيا كانت، وأنه يملك منظومة سياسية نموذجية تجعل من هذه الممارسات الديمقراطية جزءا من مشهدنا المحلي يقوم بها صانع القرار والمواطن بنموذجية الأداء كل من مكانه، لنخرج بتأكيدات واضحة وعملية أن الأردن يصنع الفرق في مسيرته عملا لا قولا، وليس هناك أدل على ذلك من إجراء الانتخابات النيابية بنجاح في مثل هذه الظروف التي سيقابلها الأردنيون كعادتهم بانتزاع النجاح من التحدي.

الدستور