المحركات السياسة السعوديةً تجاه عملية السلام
السفير الدكتور موفق العجلوني
08-09-2020 09:28 AM
في ضوء المتغيرات التي يمر بها العالم اولاً و تمر بها منطقة الشرق الاوسط ، و في ضوء وجود ادارة اميركية حالياً منحازة كلياً لرئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو ، و في ضوء الضغوطات و التجاذبات السياسية و الاقتصادية التي تتعرض لها المنطقة ، و في ضوء عدم التزام إسرائيل بقرارات الأمم المتحدة و مجلس الامن بتطبيق القرارات الشرعية الدولية و خاصة 242 و 338 , فان هذه المعطيات خلقت اوضاع جديدة و غير مسبوقة في تاريخ المنطقة و خاصة قيام الولايات المتحدة بفرض السلام في المنطقة حسب مقاس الرئيس الإسرائيلي بنيامين نتنياهو : Peace for Piece
اني اؤمنً ايماناً قاطعاً بان كافة الدول العربية دون استثناء و خاصة المملكة العربية السعودية ، تؤمن بالسلام و تعمل جاهدة بكل الوسائل الدبلوماسية و الوجاهية لتحقيق السلام و الوصول في المنطقة و خاصة الصراع الفلسطيني الاسرائيلي الى الحل العادل و الشامل للقضية الفلسطينية من خلال انسحاب اسرائيل الى خطوط ما قبل الرابع من حزيران عام ١٩٦٧ و اقامة الدولة الفلسطينية و عاصمتها القدس الشرقية ، الامر الذي سيؤدي الى سلام شامل بين اسرائيل و الدول العربية و مرجعية ذلك المبادرة العربية التي كان فيها اجماع عربي و التي جاءت بمبادرة من ولي العهد السعودي في حينه سمو الامير عبدالله بن عبد العزيز رحمه الله .
وفي ضوء الاتفاق الاماراتي الأميركي الاسرائيلي والذي اشترطت فيه دولة الامارات العربية المتحدة قبل الدخول في هذا الاتفاق وقف اسرائيل ضم الاراضي الفلسطينية في غور الاردن والجلوس على طاولة المفاوضات مع الجانب الفلسطيني.
وبالرجوع الى المحركات التي تنطلق منها المملكة العربيةً السعودية لإقامة علاقات مع إسرائيل، لا بد اولاً واخيراً العودة الى المواقف الثابتة للمملكة العربية السعودية تجاه فلسطين والوقوف عندها ملياً وبتمعن وبصيره وان لا يتم إطلاق احكام جزافية، وخاصة لما تمثله المملكة العربية السعودية من ثقل سياسي واقتصادي واستراتيجي على الصعيد العربي والإسلامي والخليجي وخاصة على الصعيد الدولي. وتتمثل هذه المحركات بالثوابت السعودية التالية:
• ١٩٨٢ مشروع الملك فهد في مؤتمر القمة العربية في المغرب في مدينة فاس والذي انبثق عنه مؤتمر مدريد للسلام والذي تم الاتفاق فيه على:
o انسحاب اسرائيل من جميع الاراضي العربية التي احتلتها عام ١٩٦٧.
o الانسحاب من كافة المستعمرات التي اقامتها إسرائيل في الضفة الغربية بعد عام ١٩٦٧.
o حق العودة وتقرير المصير.
o اقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية.
• ٢٠٠٢ مبادرة السلام العربية.
• رفض القرار الاميركي بشأن الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل وبطلانه، وضم مرتفعات الجولان السورية.
• قمة القدس في مدينة الظهران بشهر ابريل / نيسان ٢٠١٨، وتأكيد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز في قمة الظهران: “ليعلم القاصي والداني ان فلسطين وشعبها في وجدان العرب والمسلمين ".
• اعلان وزير الخارجية السعودي سمو الامير فيصل بن فرحان من المانيا، انه لن يكون هنالك توقيع اي اتفاقيات مع إسرائيل قبل التوصل الى حل شامل وعادل مع الفلسطينيين، وان المملكة ملتزمة بإقامة علاقات مع اسرائيل على اساس المبادرة العربية وقرارات الشرعية الدولية.
• استقبال جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين لسعادة السفير السعودي السيد نايف بن احمد بن بندر السديري في الديوان الملكي قبل أيام وتأكيد سعادة السفير لجلالته الموقف السعودي الثابت من القضية الفلسطينية وعملية السلام, والتنسيق المشترك، لما فيه مصلحة البلدين، والشعبين الشقيقين، والتي تنطلق من ثوابت واستراتيجيات راسخة، تعزز مفهوم الأمن الشامل والمصير الواحد المشترك، وسبل دعمها وتعزيزها في المجالات كافة لإقامة سلام عادل وشامل مع إسرائيل.
وبالتالي سوف تكون اي علاقة سلام مع اسرائيل عبارة عن امتحان لإسرائيل امام العالم. فهل اسرائيل فعلاً تريد السلام مع العالم العربي، وليس فقط مع الحكومات العربية ولكن الاصل في السلام ايضاً ان يكون مع الشعوب العربية والتي يشكل من ضمنها وقلبها النابض الشعب الفلسطيني و ثالث الحرمين الشريفين .
وفي استعراض لتاريخ العلاقة الاسرائيلية مع الدول العربية وعلى راسها الاردن ومصر، لا يوجد اي تطبيع مع الشعب الاسرائيلي اطلاقاً. علاوة على قيام رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بتجاهل اتفاقية السلام الاردنية الاسرائيلية وارسال رجال الموساد لاغتيال خالد مشعل على الاراضي الأردنية بتاريخ ٢٥ /٩/١٩٩٧. بنفس الوقت قام بأرسال رجال الموساد الى دولة الامارات العربية المتحدة وبجوازات سفر مزورة واغتيال محمود المبحوح بتاريخ ١٩/١/٢٠١٠. وهذا الاجراء مخالف لكل القوانين والاعراف الدولية. وهناك العديد من الاختراقات الإسرائيلية بحجة المحافظة على امنها وحقها باختراق دول العالم واغتيال من تشاء.
لا اشك قيد انملة بالنوايا العربية جميعها عامة والفلسطينيين خاصة تجاه اقامة السلام مع اسرائيل ابتداء من جمهورية مصر العربية والاردن والفلسطينيين ومؤخرا دولة الامارات العربية المتحدة والاتصالات المباشرة وغير المباشرة مع بعض الدول العربية، ان النوايا العربية نوايا سليمة ١٠٠٪ وترغب بالسلام والعيش بأمان مع هذه الدولة الصنيعة والتي خلقتها بريطانيا ظلماً وبهتاناً وزوراً بوعد كاذب على حساب الشعب الفلسطيني. ودعمتها الولايات المتحدة الاميركية بضغط من اللوبي الصهيوني لغاية الان، حيث أصبحت إسرائيل امراً واقعاً وباعتراف دولي.
والدليل القاطع على النوايا الاسرائيلية هو قيام اليمين المتطرق باغتيال رائد السلام في تاريخ إسرائيل اسحق رابين، وهذا رسالة للعالم ان اسرائيل ليست دولة سلام ولا تريد السلام وكما وصف البعض ما تريده اسرائيل من السلام باللغة الانجليزية من كل الدول العربية: Peace for Piece
ومن هنا ان التفاهمات بين الدول العربية والتي ترتبط باتفاقيات سلام مع اسرائيل او بروتوكولات تعاون او اتصالات مباشرة او غير مباشرة ستكون رسالة امام العالم بتعرية اسرائيل. فإما ان تثبت اسرائيل وبكفالة الولايات المتحدة الأميركية والمجتمع الدولي انها دولة سلام، من خلال اعطاء الفلسطينيين حقوقهم المشروعة والتوقف عن مصادرة الأراضي الفلسطينية وبناء المستعمرات استناداً الى قرارات الشرعية الدولية، والا سيعرف العالم باسره ان اسرائيل دولة محتلة ودولة مارقة ودولة عنصرية ودولة لا تلتزم بالاتفاقيات وقرارات الامم المتحدة، ودولة لا تريد السلام.
الفرصة الان امام اسرائيل بأثبات نواياها على ارض الواقع تجاه اقامة سلام عادل وشامل مع الفلسطينيين اولاً ومع جيرانها الدول العربية ثانياً. وعكس ذلك ستكون إسرائيل دولة مارقة لها نوايا عدوانية بعيدة المدى، وان ادعائها امام المجتمع الدولي انها دولة تسعى للسلام مع الدول العربية من اجل السلام، فهذا امر يحتاج بلورته على ارض الواقع من خلال اعطاء الفلسطينيين حقوقهم المشروعة والتي اقرتها الامم المتحدة والمجتمع الدولي.
اتفهم جيداً وكافة العارفين بالسياسة الضغوطات التي تتعرض لها منطقة الشرق الاوسط وخاصة الدول العربية في ضوء التجاذبات الاقليمية ومصالح الكبار. بالرغم من كل هذه الأوضاع، فان الدور السعودي في التوصل الى اتفاقيات سلام مع إسرائيل مبني على المعطيات السابقة والتي اكدها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز حفظه الله في كافة مؤتمرات القمة خاصة مؤتمر قمة الظهران / القدس: "أود أن أعلن عن تسمية القمة الـ٢٩ بقمة القدس، ليعلم القاصي والداني أن فلسطين وشعبها في وجدان العرب والمسلمين".