نحو معادلة توازن .. لقطاع الكهرباء؟
سمير الحباشنة
06-09-2020 12:38 AM
«1»
إن قطاع الكهرباء،. عبر سنوات طوال قد تحول من قطاع خدمي بنّاء ورافد لمداخيل الخزينة، الى قطاع مستنزف لها. ذلك أن سوء التخطيط والادارة أدى الى أن تُنتج البلاد كهرباء تفيض كثيراً عن الحاجة الوطنية، ترافق ذلك مع التزام الحكومة وفق اتفاقاتها مع شركات توليد الكهرباء، بدفع أثمان للكهرباء سواء استلمتها أم لم تستلمها وعلى قاعدة «take or pay» ! «إما أن تأخد أو تدفع»!؟
وهو ما ادى الى كارثة مالية مزمنة ومستمرة. تفسر مسؤولية قطاع الكهرباء عن الجزء الأكبر من المديونية المتراكمة عبر السنوات. وهي حلقة رئيسية في مسلسل الإيذاء الواقع على رأس الاقتصاد الوطني، الذي يشكو من تواضع قدوم استثمارات جديدة، بل ورحيل استثمارات قائمة، بفعل أسعار الطاقة العالية، التي تحول بين المنتجين وقدرتهم على المنافسة.
أن أساس المشكلة، أن حكوماتنا المتعاقبة لم تدرس احتياجات البلاد بقطاعاتها المختلفة من الكهرباء، ففتحت الباب على مصراعيه لانتاج كهرباء من شتى المصادر باستخدام «النفط الغاز الشمس الرياح الصخر الزيتي»، وأعطت التراخيص جزافاً هنا وهناك. إلى أن وصلنا الى ما نحن عليه، فوائض كهرباء لا نقوى على تصريفها!؟. وهو أمر جعل الخزينة تتكبد أكثر من 200 مليون دينار سنوياً، تدُفع للشركات مقابل كهرباء لا نستخدمها ولا نستلمها بل ولا تقوم الشركات بانتاجها!؟
اما المواطن فهو شريك بهذا الغُرم، حيث يقع على كاهله جزء ليس بالقليل من هذا الهدر المالي، الذي كان يمكن تجنبه.. بشيء من الادارة الحصيفة.
«2»
إذن هي مشكلة ادارية بحتة، من صنع المشرفين على قطاع الكهرباء، الذين لم يروا أبعد من أنوفهم.
فاستراتيجية الطاقة الموضوعة من «2010-2020» بقيت مثل أغلب الاستراتيجيات حبراً على ورق، لم يُنفذ منها الا نزر يسير. وان الاستراتيجية الجديدة للعشر سنوات «2020-2030» والمعلنة أخيراً، لم نقرأ بها اي تقييم موضوعي للاستراتيجية السابقة / أسباب الإخفاق أو عوامل النجاح.
فكيف يمكن ان نضع استراتيجية جديدة، إن لم نقم بتقييم المآلات التطبيقية للاستراتيجية السابقة.؟ والوقوف على أسباب اخفاقها؟
«3»
إن الحكومة مطالبة الآن باعادة التوازن لقطاع الكهرباء، وفق ربط الحاجة الفعلية بكمية الانتاج من المصادر كافة، والعمل على مراجعة سعرية مع الشركات، خصوصاً وأن أغلبها، قد استرجعت رأس مالها، وحققت عبر السنوات أرباحاً ليست بالقليلة..
ويتطلب ذلك احالة محطات توليد الكهرباء التي استنفدت عمرها الافتراضي على التقاعد، وعدم تجديد تراخيصها. ان قطاع الكهرباء وبحال اخراج تلك المحطات من الخدمة، سوف يتمكن من تخفيض كمية الكهرباء المنتجة بحوالي 1010 ميغاوات تقريباً، ما يعني وصول البلاد الى نقطة التوازن بين العرض والطلب. على ان يرتبط مستقبلاً ترخيص أية مشاريع جديدة تبعاً لزيادة الطلب، وأن يُقتصر ذلك على مشاريع الطاقة من مصادرها النظيفة فقط.
مقلق ما يرشح عن نية وزارة الطاقة أن تجدد تراخيص لمحطات ذات عمر افتراضي منته، والذي نرجو عدم حصوله.
والله والوطن من وراء القصد
الرأي