في ظل الظروف التي تعيشها المجتمعات في العالم بسبب جائحة كورونا، أصبح من المهم والضروري ذكر و توضيح آثار هذه الجائحة ليس على الاقتصاد والمجتمع فحسب، بل على التعليم الصفي سواء أكان في المدارس أو في الجامعات.

منذ بدء الجائحة، اتخذت دول العالم أنماطاً مختلفة للتعليم عن بعد ليكون بديلا عن التعليم الصفي التقليدي او التعليم المباشر، لكن يبقى السؤال، هل حقق التعليم عن بعد أهداف التعليم الأساسية و هل كانت نتائجه مقنعة؟!

علينا أن نتحدث اولا عن طرق وأنماط التعليم عن بعد المتبعة وهنا لا بد من الاشارة الى ان هذه الأنماط قد تغيرت و تطورت على مدى السنوات، حيث كان يسمى التعليم بالمراسلة و من ثم تطورت بعض وسائلة في بلدان أوروبية والتي بدأت باستخدام تقنيات مثل اشرطة الفيديو و التلفاز، ولا ننكر بأن التعليم عن بعد اثبت فعالية أكثر في بلدان مثل الولايات المتحدة والجامعات البريطانية في التسعينات حيث يتم استخدام اشرطة فيديو وغيرها كوسائل مكملة ومتممة للتعليم الصفي، وإجراء الاختبارات داخل الحرم الجامعي...

أما على الصعيد المحلي ، سأتحدث عن تجربة التعليم عن بعد والتي من خلالها لا نستطيع ان ننكر بأننا تعلّمنا الكثير من وسائل وطرق تعليمية متنوعة ، و كوني أعمل في المجال الأكاديمي، لقد تعلمت الكثير كغيري من زملائي واكتسبنا مهارات جيدة تمكنّا من خلالها استخدام برامج متعددة لشرح الدروس و المحاضرات خلال فصلين دراسيين متتابعين، جميع تلك الوسائل التعليمية كانت مثرية ولكنها ليست أساسية، بل مكمّلة لشيء أساسي؛ فالدروس والمحاضرات الافتراضية لا يمكن أن تكون بديلاً فعّالا عن البيئة التقليدية في الجامعة او المدرسة..هل يمكن أن يتفاعل عدد كبير من الطلبة أثناء المحاضرات عن بعد؟ هل يمكن أن يطرح الأستاذ أسئلة فكرية وفلسفية لعدد كبير من الطلاب حيث نجد بعض الحصص الافتراضية ممتلئة وبأعداد كبيرة من الطلبة! هل يأخذ بعض الطلبة موضوع حضور المحاضرات على محمل الجد؟ وبالمقابل هل يكون الاستاذ متحمساً لإعطاء الدرس ؟ هل يكون الاستاذ في قمة عطائه أثناء اعطاء المحاضرات الافتراضية و مليئاً بالشغف كما نراه بالمحاضرات التقليدية التفاعلية حين يرى طلابه وجها لوجه؟؟ هل أصبح التعليم عن بعد تلقيناً عن بعد واسلوبا لتجميد الادمغة والعقول..!
هل أصبح التعليم عن بعد في مجتمعنا وسيلةً لتحصيل علامات وهمية مرتفعة و غير حقيقية؟ هل هذا هو التعليم الذي يراه البعض بديلاً عن التعليم المباشر؟ التعليم عن بعد بكافة وسائله لن يغني ولن يكون شيئا اساسيا، بل مكمّلاً و داعماً لما يجري بالغرف الصفية..