الموجب طريق القوافل ومعبر الجيوش، حدود الممالك العربية القديمة، مقصد الطيور وموطن الوحوش، وادي التحدي والمغامرات، ارخة ميشع بمسلتة الشهيرة وذكرة الرحالة والمستشرقين، ووثقة جلالة الملك حفظة الله ورعاه في فلم " الاردن في عيون مليكة".

وصفة سيد البلاد بالجوهرة الاردنية المعادل لجراند كانيون الشهيرالذي يبهرك بتشكيلاتة الطبيعية وسحر الاكتشاف، وهو بحق موطن الطبيعة وابداع الخالق الذي حافظت عليه الجمعية الملكية لحماية الطبيعة ليكون ضمن محمية منذ عام 1985 وتعد اخفض محمية في العالم لوقوعها تحت مستوى سطح البحر باكثر من اربعمائة متر، فما من ضيف يزورنا الا وان نرافقة الى هذا المكان الفريد ضمن مسار ممر السيق الاستجمامي عند مصبة في البحر الميت وهو الاروع والاكثر ابهاراً ومتعة.

فالموجب الذي نحبة ونخشاه استمد اسمة من صفتة من "وجبَ" الاسم الحديث اي سقط واحدث هديراً، وهو لليوم شديد الجريان في فصل الشتاء حتى ان المحمية تغلق باب الزيارة من الاول من تشرين الثاني لبداية نيسان لاجل السلامة العامة خشية من الفيضان المفاجئ الغير معلوم التوقيت، اما اسمة العربي الاموري المؤابي القديم فهو "أرنون" حين ان المؤابين كانوا يضيفون الواو والنون في اخر اسمائهم لعبدون، عمون واللجون وغيرها.

تنطلق الرحلة من مركز الزوار ذو التصميم المعماري المتجانس مع روح المكان بعد دفع رسوم الدخول ووجوب ارتداء سترة النجاة وتعليمات شروط السلامة والمحافظة على بيئة المكان، بمسار ذهاب وعودة من نفس الطريق دون خشية الضياع لينتهي بشلال اخاذ ينهمر من ارتفاع عشرون متر لا يمكن تجاوزة الا بتصريح ومعدات خاصة، تنطلق من المركز المحاذي للبحر الميت دون التزام بدليل بالمسير فوق جسر معدني معلق على كتف الجبل الشمالي، معلناً بصوت قدميك بداء المغامرة، يوصلك الجسر الى صخرة وسلم يتطلب قرار النزول علية او القفز في البركة من ارتفاع خمسة عشرة متر وهو القرار الاول في التحدي، للتوالى بعدها العوائق الصخرية والبرك الغير عميقة التي تتطلب السباحة وشلالات مختلفة الارتفاعات تجتازها بمسير عكس تيار الماء العنيف معتمداً على حنكتك كيف تتعامل مع معها بمتعة ولا تتحدها لتجتاز مراحلها لبلوغ نقطة النهاية والظفر بنشوة الجلوس تحت الشلال الكبير.

ولتحقيق اكبر قدر من السلامة قامت الجمعية بتثبيت عدد من الحبال عند كل شلال للمساعدة باجتيازة ووفرت مرافقين وادلاء مهرة للمساعدة عند الطلب مع ان تقيم الصعوبة فيه من السهل الى المتوسط، ومايزيد التحدي دهشة هو انك تسير بصدع صخري من الصخر الملون مابين الوردي والاحمر والبني والاسود وارتفاع يتجاوز المائة وخمسين متر ومتوسط عرض اربعة امتار، يشابة بشكل كبير من سيق البتراء، بعيدا عن اشعة الشمس وبفارق حرارة مختلف عن محيط البحر الميت.

يبلغ اجمالي طول الوادي تقريب الستون كيلومتر بصدع واسع وضيق المجرى قطعنا اليوم منها ثلاثة كيلومترات فقط، وقد كان تاريخياً الحد الفاصل مابين مملكة مؤاب وعمون والان مابين محافظة مادبا والكرك، يقطعة من الشمال الطريق الملوكي ومرة به في سالف الزمان طريق تراجان الروماني والذي مازالت بعض من اثارة ماثلة من حجارة ميل "الصوّى" بالعامية ورصف، والعديد من الاثار على مر التاريخ من رومانيه، بيزنطية، مؤابية، نبطية واسلامية، ويرفدة العديد من الشعاب والاودية، وقدر ذكرة المستشرق ترسترام في رحلاتة في شرق الاردن عام 1872، اما والرحالة وليام ليبي وفرانكلين هوسكنز فوصفاه باجمل ما شاهداه في رحلتهم الى الاردن ضمن البعثة الامريكية قبل مائة وعشرون عام وغيرهم.

فهو بحق كنز طبيعي يستحق الزيارة ضمن مساراتة المتعددة والمتباينة الصعوبة والمسافة وما فيها من جماليات تتغير من عام الى اخر بفعل فيضان الشتاء وما يحملة من صخور تعلق لتصنع برك وسدود وانهيارات تغير معالم الوادي باستمرار.