في حقبة الحرب الاهلية اللبنانية في سبعينات القرن الماضي اختلف اللبنانيون على كل شيء ولم يتفقوا الا على فيروز. وكذلك اليوم، ولبنان يقف على حد الهاوية والافتراق السياسي الطائفي والكراهية والانقسام ، وتعطل الحكم والمو?سسات، وشبه انهيار للدولة في مواجهة كارثة انفجار ميناء بيروت وازمة الدولار وافلاس الدولة اقتصاديا، فان فيروز هي الجامع الكبير للبنانيين.
فيروز غنت للاوطان واغانيها الشهيرة للشاعر سعيد عقل : عمان في القلب وللقدس سلام، وشام ياشام، وزهرة المدائن للرحابنة، لبيروت لجوزيف حرب . فيروز في الحرب الاهلية رفضت مغادرة لبنان، واصرت على البقاء والصمود والتحدي حبا لوطن جميل و كبير اسمه لبنان، وفقدت ابنتها الوحيدة «ليالي».
فيروز لكل العرب، والعالم كما يبدو عرف لبنان من خلال فيروز. ونقاد قالوا : عن مملكة في الفن العربي اسمها «الرحابنة» وملكتها فيروز. احدى الوجوه الفنية المتلزمة الباقية لبنانيا وعربيا، وفي زمن التحولات الكبرى، واندثار القوى الناعمة وسلخها وجلدها، فان الفن العربي اكثر ما يواجه الانحطاط والسقوط المدوي والرداءة، والتبعية و الالتحاق في احبال السلطة ومراكز النفوذ وهوامير المال والثروات.
ليس هناك بيت عربي يخلو من «شريط او سي دي» لفيروز، ولا بيتا عربيا لا يسمع فيروز صباحا. نعم، هناك متشوهو الذائقة الفنية لا يعرفون كيف يسمعون فيروز، ولا ترتقي مسامعهم لذوق اغاني فيروز.
احببنا فيروز، وحال العرب لا يقل خرابا وفوضى وفرقة وتمزقا وانقساما واختلافا سياسيا عن احوال اللبنانيين . وبقيت فيروز جامعة تتربع على قلوب الناس، وتحتل موقعا متميزا وفريدا في الوجدان العربي.
زيارة الرئيس الفرنسي ماكرون لبيت فيروز امس مستفزة، ولربما تدفع للكتابة اكثر واكثر عن فيروز. الرجل الابيض العائد الى المشرق ولبنان والاحتفال بمئوية اعلان غورو لدولة لبنان المستقلة بدا مراسم الاحتفال من دارة فيروز. وعرف كيف يصيب وجدان اللبنانيين وكل محبي فيروز في العالم العربي.
فيروز الثابت الجميل القوي في لبنان اليوم. ماكرون اعترف بانه يحب لفيروز اغنية «لبيروت»، وفي طبيعة الحال فان ملحنها اجنبي «يواخين رودريغو»، ولربما هذا هو السبب والدافع. وفيروز التي نحب هي صاحبة لـ»بيروت والقدس في البال والغضب الساطع واجراس العودة وشمس المساكين».
الدستور