الانتخابات والمجلس المنتخب
د. حازم قشوع
02-09-2020 12:20 AM
بين حالة التمثيل الشعبي والنيابة عن الراي في مجلس القرار تقوم فكرة تشكيل المجالس المنتخبة، باعتبارها تشكل حالة من التعبير الحي عن الواقع الشعبي كما تعبر عن تطلعاته وشجونه في مناقشة شؤونه، حيث تقوم فكرة وصول اهل الراي للبيت القرار على اختيار مجلس الحكم وحمايته من المؤثرات الداخلية ومن التاثيرات الخارجية.
لذا كان من المفترض ان يحول بيت القرار المنتخب اصحاب الراي لحظة وصولهم الى بيت القرار الى اصحاب قرار بالشكل والمضمون، لا ان يبقوا من اهل الراي في النهج النمطي، لان اصل انتخابهم يقوم على انهم من اهل من الراي ودخولهم لبيت القرار يؤهلهم ليكونوا من اهل القرار لا ان يبقوا من اهل الراي، والا لمَ تجري عملية الانتخاب اساسا ويتم تشكيل المجلس، هذا لان الراي يمتلكه الكاتب والاعلامي واهل الفكر والوجيه الاجتماعي والامام والمعلم والمهني والحرفي، لكن وحدهم من يمتلكون الاحقية الذين تم انتخابهم لمجلس القرار باعتبارهم يمتلكون تلك الشرعية التي تحولهم من منزلة اهل الراي الى مكانة اصحاب القرار .
ولان صناعة القرار في بيت القرار تقوم على عاملين احداهما يقوم على التنظيم المتهجي وكاريزما التاثير والاخر يقوم على الكثرة العددية في ميزان التصويت لذا كان القرار في داخل المجلس المنتخب يقوم على صوت الراي والنهج. والفكر، بينما تقوم عملية التمثيل على المناطقية او العددية، لذا كان العمل على تطوير اداء المجلس ليشكل حماية اكيدة لبيت القرار لا ياتي من واقع التمثيل الجغرافي او المكون الديموغرافي، انما تاتي من واقع التاطير المنهجي والتنظيم السياسي واللون الفكري، حتي لا يبقى الاداء الفردي يشكل سمة الاداء في المجلس وتطغى سمة الجسم الضعيف والتمثيل المتواضع على واقع أدائه، وهو العامل الذي من شانه ان يشكل حماية اكيدة لبيت القرار ودلالته.
من هنا تاتي اهمية المشاركة في الانتخابات النيابية واهمية اختبار اهل الراي ليكونوا في بيت القرار، من اجل مجلس الحكم ومكانته ومن اجل بيت القرار وحمايته، لا ان يتم ادخال العامة في موضوع التقدير وصياغة الاحكام او اختيار الفئة الخاصة من اجل تحقيق مسالة ضيقة وليست عامة، فان نوعية المجلس من ترتقي بمكانة الجلسة، ومكانة المجلس تفرضها اهلية اعضائه، مهما حملت مكانته من اهمية او حتى شرعية، لذا كان اختيار مجلس الحكم من مسؤولية الدولة بكل مؤسساتها ومن واقع قوانينها الناظمة ولا يجوز ان ترهن لاهواء العامة او تدار من واقع تقديرات طيباوية.
من هنا جاءت الاحزاب للاجابة على أسئلة الكيفية من اجل تنظيم جمل العبارة السياسية بعد قراءتها، وتجسر مساحة الجملة الخبرية من واقع ميزان العلاقة التقديرية بين الذاتية الفردية ومصالحها من جهة وبين تقديرات الحكم ومقتضياته من جهة اخرى، وذلك بهدف صياغة القرار بطريقة افضل والمساهمة في اثرائه بطريقة احسن وذلك من اجل تنظيم اهلية الدخول لبيت القرار بطريقة مستحقة يعبر فيها المجتمع عن مكنونه المعرفي وصدق انتمائه.
فان المجتمع الاردني يمتلك كل الادوات التي تمكنه من الوصول للمستوى الاميز في بيت القرار الذي يميز طابعه المحتوى الدستوري ويحمي مكانته ومقرراته الجسم النيابي مهما حملت ظروف المشهد العام من اوزار او كان حجم المسؤولية ثقيلا، حتى لا تبقى تبعاتها تدور في الفلك الثابت بدلا عن المنتخب المتغير بتغير الظروف او الاجواء او منازل التاثير، فان المرحلة القادمة بحاجة الى تشكيل حمايات منتخبة واخرى مؤثرة، وايجاد روافع برلمانية قادرة على حماية النهج والذود عن سياسته، وهذا ما نتطلع اليه من خلال مشاركة واسعة في الانتخابات النيابية القادمة نعبر فيها عن صوت الوطن من اجل الوطن، وتصوت فيها من اجل النهج الذي يقف عليها الاردن ورسالته.
الدستور