سَهرُ الليّالي .. ظاهرةٌ إجتماعيّةٌ
المحامي سالم عيسى نجمة
01-09-2020 01:27 PM
إن مَن لديهِ القُدرةَ على العَبثِ بوقته، والمَقدرةَ عَلى القيامِ بمُمارساتٍ غيرَ مفيدةٍ تعبثُ بِعقلِه، يكون أمامَ نتيجةٍ متوقعةٍ وهي هدمُ الصحةِ النفسيّةِ والبدنيّةِ وفي أفضلِّ الأحوال ضعفُها.
قد ثَبتَ من دراساتٍ تخصُ الموضوع، أن السهرَ الطويل وحتى ساعاتٍ متأخرةٍ من الليلِ يؤدي إلى الإجهادِ وعدمِ إنتظامٍ في التنفسِ ومشاكل في المعدةِ والأمعاءِ.
وإذا تم سؤال إحدى السيدات عن البرنامجِ اليوميّ لحياتِها يتبين أنها تُطيلُ السهرَ وحتى ساعاتٍ متأخرةٍ من الليلِ أمامَ شاشاتِ "الموبايل" أو التلفاز، لتستيقظَ في وقتٍ متأخرٍ من النهارِ وبمزاجٍ مُعكّرٍ... ومع مضيّ الأيام سيظهرُ لديها مجموعةٌ من الأمراض الناتجة عن هذا العبث بالوقتِ من تراخٍ في المريء وغازاتٍ في الأمعاءِ - جراءَ وجبة العشاءِ المتأخرة - وضمورٍ في عضلاتِ الأطراف وهشاشة في العظام بسببِ نقص فيتامين د لعدمِ التعرُّضِ لأشعةِ شمس الصباح، وما هي إلا سنوات حتى تُصاب بالعديدِ من الأمراضِ المُزمنة.
وعلى العكسِ من ذلك، إن السيدات اللاتي ينمن في ساعاتٍ مُبكرةٍ من الليل ليصحين في ساعاتِ الصباح الباكرِ بهمةٍ ونشاطٍ، قادرات على العملِ لساعاتٍ متواصلةٍ دون آلامٍ عضليّةٍ أو لهاثٍ في التنفسِ، تنامُ في الوقتِ الصحيحِ، فتستمتعُ بالنومِ العميقِ المُريحِ لتصحو صباحًا بنشاطٍ وحيويّةٍ.
وتتملكُ ذات الأمراضِ بعضَ الرجالِ؛ بسبب الإدمانِ على السهرِ في المقاهي، يؤرجلون ويتناولون وجباتَ العشاءِ الدسمةِ في ساعاتِ الليلِ المتأخرةِ، وللأسف الشديدِ إن طلبةِ المدارسِ والجامعات، مُصابون أيضًا بعلةِ السهرِ، يسهرون حتى بعد مُنتصفِ الليلِ على أجهزةِ الدردشةِ.
قبل سنواتٍ كان الناس ينامون مبكرًا، ينهضون مع طلوعِ الشمسِ، يذهبون إلى أعمالِهم ومَهامِهم ومدارسِهم وجامعاتِهم بحيويّةٍ ونشاطٍ كاملين، في ذلك الوقت، كانت أمراضُ السكريّ وتضيّق الشرايين وعلل المفاصل وأمراضُ الجهاز الهضميّ قليلةً.
نحن بحاجةٍ ماسةٍ إلى وقفةٍ جديّةٍ لإعمالِ شروط الحياةِ الطبيعيّةِ في مجتمعنا، لنعود إلى الالتزامِ بأسس وشروط التعامل مع الوقت للحصولِ على النوعيّةِ والجودةِ لنمطِ حياةٍ صحيّ يعتمدُ على العاداتِ الإيجابيّةِ للوصولِ إلى روافدِ النجاحِ.