الامن الغذائي رؤية استشرافية لجلالة الملك
د. عاكف الزعبي
29-08-2020 11:26 PM
قول جلالته "ان الامن الغذائي سوف يكون اكبر تحد في عام 2021 وان ذلك يستدعي توحيد الجهود والتفكير خارج الصندوق" هو قول قائم على رؤية استشرافية عميقة لجلالة الملك ترتب على الجميع حكومة وقطاعا خاصا حشد الافكار والجهود من اجل الاستعداد للعام القادمم ولما بعده، ومن اجل احداث قفزة نوعية في امننا الغذائي في المدى المتوسط 5-10 سنوات.
ينطوي التحدي على ثلاثة عوامل هي: توافر الغذاء، ومعقولية اسعاره، ودوام الامدادات. واذا كنا الان نواجه مشكلة عجز الانتاج المحلي، فربما نواجه في قادم الايام مشكلة في استيراد الغذاء اذا ما لجأت بعض الدول الاكبر انتاجا للسلع الاساسية للاحتفاظ بكميات اكبر منها بهدف زيادة مخزونها الاستراتيجي (فيقل العرض) من الغذاء في الاسواق الدولية، وقد يصبح الامر اكثر سوءا مع اقبال الدول المستوردة على زيادة مخزونها (زيادة الطلب) مما سيرفع الاسعار ويترك اثرا قاسيا على الكثير من الدول ومنها الاردن. دعك عن ارتفاع اسعار النفط وهو امر وارد، او تفاقم النزاعات الدولية وخاصة في منطقة حوض المتوسط وما سوف يتركه ذلك على امكانية دوام الاستيراد وانتظامه.
الاردن لا يستورد المواد الغذائية الاساسية فقط وانما يستورد ايضا معظم مستلزمات الانتاج لما ينتجه من غذاء. وهو ما يعرضه لمزيد من المخاطر في محاولاته لتعزيز امنه الغذائي. وهذا ما حدا بجلالته لاطلاق تحذيره مقدرا في الوقت نفسه ان كورونا باقية للسنة القادمة ولما بعدها ايضا متحولة الى مرض موسمي كما يتوقع عدد غير قليل من العلماء.
على الاردن اولا تشكيل خلية ازمة من الحكومة والقطاع الخاص (مستوردو الغذاء، ومستوردو مستلزمات الانتاج، وكبار منتجي مستلزمات الانتاج) لوضع خطة طوارئ لتوفير الغذاء ومستلزمات الانتاج للعام 2021، وخطة اطول للمدى المتوسط.
ومن بين الاهداف المطلوبة على المستوى المحلي: التخلص من فائض الخضار وتنويع الانتاج باتجاه المنتجات الاكثر تصديرا لدول الجوار والاكثر قابلية للتخزين والتصنيع، والتوسع في زراعة الشعير على حساب القمح في مناطق امطار 250 ملم فاقل، والتوسع في زراعة الزيتون، والبدء بمشروع وطني لانتاج الاسماك في برك المزارع، وتشجيع الزراعة المائية ومشاريع الطاقة الشمسية في الزراعة. ولا يتم ذلك الا بتوجيه وتحفيز المنتجين عن طريق استخدام اسعار مياه الري، وفوائد القروض، واسعار الطاقة (الكهرباء)، وبتوفير المعلومات عن الاسواق لمساعدة القطاع الخاص على تحسين قراراته.
وفي الاثناء ومع نهاية هذا العام يتوجب تقديم حزمة من التحفيزات للمزارعين اولها توفير العمالة الوافدة للمزارعين، والغاء ما تبقى من رسوم جمركية وضريبة مبيعات على المنتجات الزراعية ومستلزمات الانتاج، وخفض رسوم اسواق الجملة الى النصف، وزيادة مساهمة الحكومة في صندوق ادارة المخاطر، والى ان يتم زيادة راس مال مؤسسة الاقراض الزراعي توفير سلفة لها من البنك المركزي لتمكينها من مضاعفة قدرتها الاقراضية مع تخفيض فوائد قروضها 2%، وزيادة موازنة وزارة الزراعة بما يمكنها من تعزيز خدماتها في مجالات وقاية النبات، والصحة الحيوانية، والمختبرات الحيوانية والنباتية، ومشاريع الاستصلاح الزراعي للمزارعين، وتنمية مراعي البادية.