للعام الثاني على التوالي تشهد إدارات الجامعات الأردنية الرسمية صيفا حارا متوترا غير مستقر لبدء عام جامعي جديد، عادة ما يكون حافلا بالعمل والخطط وقبول طلبة جدد، وتقييمات وتشكيلات أكاديمية جديدة.
في العام الماضي وفي أول صيفه تم سلق تعديلات قانون الجامعات الأردنية وقانون التعليم العالي لعام (2019). بعد مرور أقل من عام على القانونين الأصليين عام (2018)، تعديلات كان مبررها إحداث تغيير في إدارات الجامعات الأردنية، إذ سحبت بساط تعيين الرؤساء من مجالس الأمناء وأناطته بمجلس التعليم العالي، وأُعطيت تلك التعديلات صفة الاستعجال في كل مراحلها، إلا أن ظهور أزمة المعلمين في العام الماضي، وإقصاء وزير التربية والتعليم وزير التعليم العالي أطاح بكل التعديلات والاستعجالات، وأراح الثقل والتوتر عن صدور رؤساء الجامعات الرسمية ومجالس أمنائها المنوي تغييرهم أنذاك.
في هذا العام ظهرت التلميحات والتسريبات لتغيير عدد من رؤساء الجامعات الرسمية، فكانت الاستبانات الإلكترونية لتقييم رؤساء الجامعات الرسمية، وما اعتراها من لغط كبير لأسباب غير معروفة كضعف الأنظمة الحاسوبية غير القادرة على تنفيذ استبيان من صفحتين، أو لوجود نوايا بإفشال عملية التقييم، أو قد يكون اختراق متعمد لتنفيذ التقييم عن أعضاء هيئات تدريسية معلوم عدم رضاها عن إداراتهم، وأيا كانت الأسباب فلا بد من الوقوف عليها، ومعالجتها وتحميل المسؤولية لمن اخطأ أو أهمل ، وفي هذا الصدد إذ ما أراد مجلس التعليم العالي تفعيل دور أعضاء الهيئة التدريسية في عملية تقييم إداراتهم فلعله من الأفضل ربط جميع الخدمات الإلكترونية وخدمات التسجيل لإعضاء الهيئة التدريسية والإدارية بتعبئة استبيان تقييم إداراتهم ، وقد يكون من الأنسب بدء التقييم مع نهاية الفصل الثاني من كل عام جامعي.
وتبرز ظاهرة جديدة في جامعاتنا الرسمية تتمثل بتنمر قيادات أكاديمية في الصف الثاني على إداراتهم بعد إنهاء وظائفهم الإدارية، فقبل عامين تماما تم اقتحام مكتب رئيس جامعة وإخراجه من مكتبه، وفي هذا العام وفي جامعة أخرى ظهر التنمر واضحا على رئيس الجامعة، وفي الحالتين كانت الأدعاءات بوجود فساد وعدم قدرة الرئيسين على إدارة جامعاتهما ، وفي هذه الظاهرة يبدو أن بعض المغادرين لمواقعهم الإدارية يحذون حذو بعض المسؤولين الذين يغادرون السلطة وسرعان ما يسّنوا سكاكينهم لسلخ الفساد والمفسدين ، وتظهر قضايا الفساد فجأة بعد أن أحتفظ بها سنوات لحين حاجة ، فالأصل عدم السكوت عن الفساد مهما كلف الأمر.
مشهد التعليم العالي غير مريح سواء للإدارات أو للأساتذة أو للطلبة ، فالتوتر والقلق والإقصاء والتنفيع ، وعدم ثبوت التشريعات الناظمة أو عدم حاكميتها يلقي بظلاله على ذلك المشهد ؛ صراعات وتربص بين بعض مجالس الأمناء وإدارات الجامعات ، بين الرؤساء ومجالس عمدائهم ، بين الرؤساء وأعضاء الهيئتين التدريسية والإدارية ، وكل ذلك يلقي بظلاله على الطلبة وهم الهدف والغاية من الجامعات وهم محور العملية التعليميةوأساسها ، وهم أصل وجود مجالس الأمناء والرؤساء والعمداء والأساتذة والإداريين .والطلبة هم الفئة الأكثر تضررا من كل تلك الصراعات ، وضررهم حتما سيعود بضرر على الوطن ، لا بد من خارطة طريق تعيد للجامعات الأردنية دورها وتعزز مسيرتها ، خارطة عاجلة تكون بتوافق وطني علمي عملي يفضي إلى إزالة التشوهات في التشريعات الناظمة لعمل الجامعات الأردنية سواء أكانت التشريعات العامة مثل قانون الجامعات وقانون التعليم العالي أو قوانين الجامعات وأنظمتها الخاصة بها ؛ إذ نرى أن لكل جامعة قانون ونظام وتعليمات وكأن كل جامعة مقرها وطن آخر . هنالك الكثير من المشاكل والإشكاليات في الجامعات الأردنية سواء للطلبة أو لأعضاء الهيئات التدريسية أو للجامعه، ولا شك أن التفرغ لحلها أهم وأولى من القادم أو المغادر.