وعاد الناس إلى مرافقها بعد عقدين مِن غياهب الجب والنسيان، وعاد الشباب يتزاحمون في مرافقها بعدما جاء المدد والأيام السِمان وعادت العصافير إلى أشجارٍ اصبحت يانعة واستعادت مادبا بريقها الشبابي الذي وجد ضالته بعد غياب.
اليوم يشد الرياضيون رِحالهم إلى مدينة الأمير هاشم ويزحفون أفواجاً إليها كلٍ في مجاله، واليوم تعود الأضواء والأنوار من بعيد ويجد عابرو الطريق الملوكي مكاناً يسترخون فيه سيما وأن المدينة ضمن برنامج أردنّا جنة الذي جعلها محط أنظار السياحة الداخلية التي بدأت تتوافد نحوها.

فمع بدايات هذا العام وخلال فترات الحظر بجائحة كورونا كان العمل جارٍ لتجبير الكسر الذي تعرضت له هذه المدينة وجعلها لسنوات تتكئ على هامش الزمان، وقد تفاجأ الناس بعد عودة الحياة إلى طبيعتها أن هناك مدينة رياضية شبابية متكاملة غير التي عهدوها، ليبدأ السِباق نحوها من كلِّ حدبٍ وصوب .
وبالأمس حدثني مارٌ من جانبها قائلاً إن أشجار الزيتون في مدينة الأمير هاشم تلقي سلاماً على الزائرين منتشية؛ فهي ولأول مرة سيُقطف ثمارها بعد نَشاف، وأن مِن بين زيتها زكاةً عن الإنجاز المشهود وأن المحتاجين سيجدون سُقيا من زيتها .
وقال زائرٌ أيضاً: "عندما رأيت مسبح المدينة الأولومبي والشباب فيه يتسابقون كالأسماكٍ السعيدة بالمياه الدافئة بعد شتاء، ورأيت النادي الصحي الذي يحوي أجهزة متطورة، والملاعب والكوادر المميّزة والأجواء العائلية والزائرين من مناطق بعيدة وتوفّر الرفاهية، عرفت حينها أن الحل لأي مشكلة في قطاعنا العام هو وضع المسؤول المناسب في المكان المناسب، وأن الكوادر الوظيفيّة في أي موقعٍ تحتاج فقط إلى إدارة حقيقية تؤمن بالتطوير".
والحديث بلا أرقام لا روح فيه، لذا بلغ زوّار المدينة في خمسين يومٍ 20 ألف زائر متقدمة على اغلب المدن الشبابية بالمملكة من حيث التطوير والاستقطاب، كما وارتفع عائدها المالي عن السابق بنسبة 380%، رغم أن خطتها التطويريّة هي في البدايات .
وهذا الصرح الكبير الذي أُقيم على أرضٍ كانت واجهة عشائرية تم التبرع بها لحاجة مادبا إلى مجمعٍ رياضيٍ متنوع، إلا أنه وبعد الإنشاء تعرّض لهزات الترهّل وغياب الخطط الاستراتيجيّة، إلا أن الحال تغيّر كلياً في هذه المدينة بعد قدوم الدكتور فارس بريزات وزيراً للشباب، إذ لمسنا كمتابعين حضوراً للمدن الشبابيّة بالمملكة والتي بدأت تنهض من جديد بعدما كانت متوارية خلف قضبان التهميش، وكان الاختيار حكيماً عندما أوكل مهمة إدارة مدينة الأمير هاشم إلى الدكتور ابراهيم الشخانبة حيث بانت بوجهها الفرح وهي تستقبل الشباب والعائلات، وبانت أعلامها من بعيد، وانعكست أنوارها ليلاً بعدما كان القمر هو الوحيد الذي يواسي وحدتها.
ويسعدني أن كل يومٍ هناك على الأرض ما هو جديد، إذ ستكون المدينة مكاناً للأفراح والمناسبات والعمل جارٍ على تهيئة البنية التحتية لهذا الشأن، كما أن المرحلة القادمة هي تطوير أرضيات الملاعب والمدرجات وزيادة نسبة التشجير والزراعة وقد حصلت المدينة على رخصة لحفر بئر جوفي يساعدها في زيادة الرقعة الزراعية والسقاية ووزيادة البرك المائية.
الدعوة مليئة بالثقة ونحن نوجهها إلى الجميع لزيارة هذه المدينة والاستمتاع بمرافقها التي حرصت إدراتها على توفير الأجواء العائلية وتحديد أيام خاصة للنساء، وأيضاً الترتيب والنظام الذي يجعل القادم إليها لا يريد الخروج منها .