كَم سُرِرنا وسُعِدنا بسماع قيام فريقٌ من شبابنا بإنشاء تطبيق أمان الذي تبنته وزارة الاقتصاد الرقمي والريادة، ودعت إليه الحكومة متمثلة بوزارة الصحة، في البدايةِ كان من قبيل النُصح والتوصيةً لما فيه من مصلحةٍ على المستوى الشخصيّ ومستوى المجتمع، لكن مع الموجة الجديدة من الكورونا الكوفيد-19، ذاك الفيروس المستجد، أصبح الآن من المتطلبات الأساسية التي تُفرض على الأفراد لدخول مؤسسات الدولة لا بل ومنشآت القطاع الخاص، لما لا وهو من إسمه يبعث على الأمان.
أما الآن وقد صار هذا التطبيق من الموارد التي تعتمد عليها الجهات الرسمية لتعيين المواقع التي صار بها إختلاط بين المصاب بالفيروس وآخرين وبالتالي تحديد المخالطين، فلا بدّ وكأيّ مشروعٍ أن يقف المرء عند تجربته على أرض الواقع وتنفيذه على إيجابياته لتعزيزها وعلى سلبياته لتجنبها.
قرأنا وسمعنا وشاهدنا حول العديد من ميزات وإيجابيات تطبيق أمان، ولن أزيد عن ذلك ومن المؤكد أن القائمين عليه يعملون على تعزيزها... أما موضع النقاش في هذا السياق فهو المثال الآتي:
س من الناس يقف على الاشارة الحمراء في مركبته ينتظر دوره للعبور، ص من الناس يقف منتظرًا دوره أيضًا للعبور بمركبته والتي تبعد مترًا أو المتر والنصف عن مركبة س، مرت الدقيقة وعبر الجميع كلّ في طريقه.
بعد يومين أو أكثر تبين أن ص مصاب بالفيروس وتم بموافقته سحب من هاتفه المحمول ومن تطبيق أمان على وجه الخصوص المواقع التي مرّ بها وزارها خلال الأسبوعين الماضيين، فتبين أن س والذي جاوره بالمركبة لدقيقة أو دقيقتين قبل يومين أو ثلاث قد مرّ بجانبه وبمفهوم التطبيق أنه قد خالطه، وبمعالجة النظام لهذه البيانات ظهر لـ س على تطبيقه أنه قد خالط مصابًا وظهر له التحذير بلونه الأصفر أو البرتقالي أو الأحمر... وهنا وفي هذه اللحظة بالذات دخل س بدوامةٍ لا تُوصف، وعلى أيّ حالٍ قام بواجبه وإتصل بالهاتف المُخصص وأعلمهم بما أظهر له التطبيق من تحذيرٍ، وقام بإتباع التعليمات والتوجيهات وذهب إلى المختبر وفحص حسب الأصول، وبالطبع وفي هذه الحالة ولأنه لم يكن مخالطًا للمصاب بمعنى الكلمة، ظهرت النتيجة سلبية، ولكن لن يغادره القلق وخوفه على أسرته وزملائه في العمل، سيقوم بحجر نفسه لفترة كي يقوم بالفحص مرة أخرى للإطمئنان ومرة ثالثة لمزيد من الاطمئنان، ولنضع مسألة الفحص على جنبٍ، ولنبحث في حجر ذاته طيلة فترةٍ ليست بقصيرة، بعيدًا عن أهله وعمله، والعمل على الأخص، وخسارته إذا كان صاحب مهنة، وأجره إذا كان عاملا، وراتبه إذا كان موظفًا، ومدرسته أو جامعته إذا كان طالبًا، وتطول الافتراضات.
كلّ ذلك... مرّ به س وما كان لذلك من داعٍ، والسبب بسيط أنه لم يكن مخالطًا بمعنى الكلمة.
ومن هنا ننطلق للمعنيين وأصحاب العلاقة للقيام بتجنب هذه السلبية من الناحية التقنية الفنية، هذا من جانب، ومن الناحية الإدارية من جانب آخر، والمقصود في هذا المقام ماهية البروتوكول الصحيّ الاحترازي الذي يتوجب على الفرد الذي يظهر له التحذير القيام به في حال ظهور لون أصفر مثلا أو برتقالي أو أحمر على التطبيق، ومن المؤكد ومن المنطقيّ أن يكون لكلّ لون معيار محدد، والأحمر أشده.
وحتى أضيف للقصيدة بيتًا، نتمنى على الجهات الرسمية المعنية ولا بدّ لها من أن تبين لأصحاب العمل والعمال المسائل الواجبة التطبيق في هذه الحالات، من ناحية فترات الحجر الاحترازي ومن ناحية الرواتب والأجور في فترات الحجر الاحترازي، علمًا أنها بينت ذلك للمناطق المعزولة، ولم تبينها للأفراد بخصوص تحذيرات تطبيق أمان.
وكي لا أطيل، نتمنى للقائمين على تطبيق أمان تطويره وتحديثه ونقول لهم إلى الأمام.