لا نذيعُ سرا اذا وصفنا سياسة الحكومة التنفيذية واجراءاتها باتت تحتاج إلى فكاك نشب أو فهلوي ليحل لغز تعاطيها مع جائحة كورونا.
تمطرنا الحكومة كل يوم بتصريحات ثم يصدر عنها أقوال وأفعال مناوئة تناقض الأولى، مما أوقع المتلقي في حلقة مفقودة يصعب معها استيعاب ما يجري على الساحة المحلية.
من المعلوم أن تعاطي الحكومة منذ بداية الجائحة انقلب بشكل لافت عن الفترة السابقة، بعد أن أعلت من قيمة المحافظة على صحة المواطن، وباتت تطلق التصريحات مرارا وتكرارا بأن المواطن والمحافظة على صحته وسلامته خط أحمر لا يمكن القفز عنه أو تجاوزه، فقطعت بإجراءاتها وتوجهاتها الحالية ما بدأت به ولم تراكم عليه.!
عدد الاصابات محلياً يشهد تزايدا ملحوظا لم نعهده من ذي قبل حتى في بداية الجائحة وفي اضطراد مستمر مرده تقصير واضح من الجانب الرسمي، وهشاشة في الإجراءات لا نعرف في أي خانة أو تحت أي باب تصنف!!
قرارات يعتريها الغموض وسط صمت حكومي مطبق تستدعي الوقوف عندها دون أي تبرير أو تفسير يذكر، إذ تبدو سياسة الحكومة انتقائية في وضع بعض الملفات على الطاولة وضرب الحائط بملفات مماثلة، وليس أدل على ذلك إعلان موعد إجراء الانتخابات النيابية وعدم تحديد موعد بعد لإجراء الانتخابات المهنية لبعض النقابات التي استحق ميعاد إجرائها منذ فترة، مع أن الجمهرة والتجمعات في الأولى يفوق ولا يقارن بالثانية، ولا أدْع في هذا الجانب إلى طرق أي باب يُفهم منه الدعوة إلى تأجيل "النيابية"، بل تقديم مبررات وإيضاحات حيال هذا التناقض المبهم وغير المفهوم.
لم يعد خافيا على أحد أن مجلس النواب لا يقوم بدوره المنتظر، بيد أن حرص الحكومة على إجراء هذه الانتخابات يأتي من باب "براجماتي"بحت عبر سياسة ممنهجة، من أجل تأمين غطاء شعبي لحزمة قرارات وخيارات صعبة وتحتاج إلى كتف آخر ليحمل معها أو من سيخلفها عبئ ما هو قادم، ويبدو انه بات على الأبواب برغم أن الأصوات الناقدة للأداء النيابي تتعالى منذ سنوات وتعداها الأمر إلى اعتبار وجود المجلس يشكل عبئا على الموازنة ونزيفا ماليا يصعب السيطرة عليه في ظل بعض الممارسات النيابية الخاطئة التي أصبحت تقليدا، مما أوجد حالة سلبية بين صفوف الناخبين في الإحجام عن ممارسة حقهم الدستوري ومشاركة خجولة لا تتماشى ودور مجلس النواب الحقيقي.
لا ننتقص من شأن إجراء الانتخابات النيابية، لكن في المقابل على صانع القرار أن يستدير قليلا نحو بيوتات صناعة الخبرة الأردنية ويراعي أهمية الدور الذي تلعبه وإن اعتراه بعض الضعف في بعض النقابات، إلا أنها تبقى الحِصن المنيع لمنتسبيها وتأجيل موعد انتخاباتها حتى إشعار آخر يكرس سياسة الكيل بمكيالين.