لا أكتب بقلمي من منبر محلل سياسي أو اقتصادي بل كمواطن يمارس ملامح حياته السابقة لواقعة الكورونا بشكل أقل حذرا من بداية الواقعة، وفي خضم هذه الحياة الأقل نوعاً عما سبقت أصادف فيها ملاحظات لم ألحظها سابقا وأود أن أجد مصدر ثقة يطمئن روعاتي.
أود أن أعتبر الانتشار المخيف للمتسولين على حافة كل زاوية وكل إشارة مرور هي الملاحظة الأولى، وليس فقط وجودهم وبيعهم المنتجات البسيطة كالورود الذابلة كأوجههم أو الألعاب الصينية أو الجوارب قليلة النوعية ليس ذلك ما يقلقني ما يقلقني هو صدق أعينهم بحاجتهم إلى فتات المال الذي يطلبونه وما إن تنظر إليهم حتى يسردو لك قصتهم المأساوية بالأب المقعد أو الأم المريضة أو الأيتام الذين يعولونهم !! لم أعد أكذبهم بعد الآن!!
تأتي الملاحظة الثانية في الإقبال الهائل على القروض البنكية المؤجلة بشكل ملحوظ بل وممانعة بعض البنوك لبعض الأشخاص حتى أن أخدهم يستغيث ب : من يشتري راتبي!! ماذا يعني كل ذلك؟؟ قد لا يكون لدي المعلومات الكافية لهذا الموضوع و لكنها ملاحظة تستحق الذكر.
قد لا تكون الملاحظة الثالثة هي الأهم و لكن ازدياد نداءات الاستغاثة على مواقع التواصل الاجتماعي و كلٌّ يسرد قصته المحزنة و ظروفه السيئة و كل قصة تجرّ أحمال الفقر و سوء الحال و انعدام الطعام و الأطفال حديثي الولادة بلا غذاء و لا دواء و لا مهرب و لا بصيص أمل بتغير الأحوال كل هذه النداءات هي نذير شؤم للمرحلة القادمة و التي قد نسميها بالفقر المدقع.
ربما اذا سحبنا ملفات الشكاوي و القضايا لعلنا نجد ازدياداً بعمليات النصب و الاحتيال و التعدي على الأموال و السرقات ربما تكون بمبالغ صغيرة و لكن هذه المبالغ هي طوق نجاة بالنسبة لعائلات عديدة و ربما كل العائلات، و لا أبرر أخلاقية هذه السرقات على الإطلاق ولكنني أنوّه لضيق الحال الذي يعم على الجميع و هذه للملاحظة الرابعة.
الآن، السؤال هو، هل تهدد كورونا بالفقر المدقع، هل أنظمة الدفاع مسنونة لحماية المواطن؟ هل تطبيق الحظر فعلا وقائي أم احترازي لأجندات مجهولة المصدر؟ هل ستكون هده الحكومة ما ينقذ الشعب الأردني من مرض مفتك أم ستكون الحكومة التي فتكت في عظم المواطنين فرداً فرداً؟ من يجيبنا على هذه الأسئلة التي نعيش واقعها يوما بيوم؟
لن أتجرأ و اتساءل اذا ما كان الأردن نحو الهاوية فالمواطن الأردني شيمته عزة نفسه و لكنني أتساءل حكومتنا إلى أين؟ إلى أين بكل هذه التخبط غير المبرر بالقرارات كمن يلعب "السيسو" الآن وقت الحزم بالقرارات و الجدية و الوضوح و إدارة الأزمات الحقيقي، أقل الواجب بأن نجد من يطمئننا باستراتيجية محكمة بحفظ حق العيش بكرامة و ليس حق العيش فقط فذلك الآن هو أقل ما نتمناه.