في عمان ومختلف مناطق البلاد تجد الناس منشغلين بالحديث عن قضايا الانتخابات ونظرة المواطن اليها، وقضية المعلمين وكيفية معالجتها، والحجر في المناطق الحدودية، والاسباب التي ادت الى تسرب حالات العدوى ووصولها الى عدد من المناطق، والحديث عن «الباك تو باك «وطريقة ادارته، والتصريحات الحكومية حول امكانية اعلان الحظر الشامل الجمعة، وانسجامه مع اقرار العودة الى المدارس الاحد الذي يليه، واساليب ادارة الاتصالات والاقتصاد الرقمي والحجب المتقطع لخدمة الاتصال، والطرائق المتبعة في ادارة عمليات التسجيل والنقل للناخبين من منطقة لاخرى وكل ما يجري من استعدادات للانتخابات المقبلة.
في راي العديد من المراقبين وانا منهم ان ما يجري في هذه الملفات وغيرها لا يعكس اطلاقا الصورة الذهنية الجميلة للاردن العصري الذي كان سباقا في التعليم والنهضة والريادة . والبلد الذي يتمتع بسمعة عالمية طيبة وتقدير في اوساط المنظمات والهيئات العالمية والاقليمية . وعلى السنة الجميع سؤال يتعلق بالاسباب التي تمنع او تحول دون استخدام افضل كوادرنا وشبابنا وقوانا البشرية عالية الكفاءة في تسيير امورنا وتحسين مستوى الخدمات التي نقدمها ونتلقاها.
فيما يخص الانتخابات التي ستجرى في وقت لاحق من هذا العام وعلى خلفية تدني مستوى الرضا عن اداء المجلس السابق ينشط عدد كبير من النواب الذين كانوا جزءا من الصورة الذهنية للمجلس لترشيح انفسهم في قوائم غير برامجية، وفيما يشبه الاقطاع السياسي الذي تكرس من خلال نجاح متكرر لا علاقة له بالانجازات ولا التميز حيث لم يسمع الناس براي لبعضهم وغاب العديد منهم عن معظم الجلسات واستثمر بعضهم تدني اهتمام العامة بالانتخابات للاستحواذ على ما يكفي من الاصوات لضمان مرورهم الى المجلس الجديد.
في عمان ومناطق اخرى اصبحت القوائم النسبية تعرف باسماء بعض الاشخاص ممن لا علاقة لهم بالتشريع او العمل العام ليقال قائمة فلان وقائمة علان وكخطوة اخرى تجاه اعادة انتاج الواقع الذي قال الناس بانه لا يرضيهم.
وكما في ملف الانتخاب يتساءل الناس بلهفة وقلق عن مصير الابناء ونوعية وشكل التعليم الذي سيتلقونه في مقبل الايام. حتى اليوم هناك العديد من السيناريوهات الخاضعة للتقييم في ضوء تطور الجائحة واعتبارات بعضها سياسي واخر اداري واجتماعي ولوجستي. ونحن على مسافة غير بعيدة من الموعد الرسمي لبدء الدراسة ما زال الجميع يخمن فيما اذا ستسنح الظروف بعودة كاملة او جزئية او لا عودة الى الى المدارس بمعناها التقليدي.
الجدل الاوسع هذه الايام يدور حول ما اذا كانت هناك اخطاء في التخطيط والادارة لنقاط الحدود البرية التي شكلت الخاصرة الرخوة في حسم الجهود الاردنية للتصدي للجائحة. بوادر حدوث الخلل ظهرت منذ شهر نيسان بوجود مختبرات القطاع لخاص على حدود العمري وتحميل السواقين لكلفة تقارب الخمسين دينارا للفحص، والطلب منهم حجر انفسهم في بيوتهم. الحالات التي ظهرت لاحقا في قرى المفرق وبلدة الرمثا واجزاء من العاصمة واربد كشفت ضعف الترتيبات وامكانية اختراقها لاسباب تتعلق بقسوة ظروف الحجر والكلفة المالية العالية وعدم قناعة الاشخاص ومن حولهم بنجاعة الاجراءات.
اليوم يعود الوباء ليتصاعد مثل فقاعات ماء الغليان ليظهر في عمان والزرقاء واربد ومادبا والعقبة وعجلون وغيرها بعد ان تفشى بين العاملين الرسميين وغير الرسميين في نقاط جابر والعمري فهل جرت ادارة هذه النقاط ادارة صحية كما تدار المستشفيات وما الخلل الذي حدث، او ليس هؤلاء العاملون مخالطين دائمين لمن اصيبوا واكتشفت حالاتهم، وهل قمنا بما ينبغي القيام به لمنع حصول ما حصل؟
في كل مرة تعترض بلادنا تحديات جديدة يجري التعاطي معها بالاساليب القديمة نفسها. في حالات كثيرة يمكن ان تسهم دخلاتنا في اساءة الوضع وتحويل الازمات الى حالة اسوأ. حتى الشباب الذين وضعوا في مواقع القرار وتحمل المسؤولية تكيفوا للواقع بدل ان يغيروا فيه. في مؤسساتنا يوجد الالاف من اصحاب الخبرات القادرين على احداث اختراقات والاتيان بحلول ابداعية للكثير مما نواجه من قضايا وتحديات لكن القيم والافكار والرؤى السائدة والخوف من التغيير تدفع بالرؤساء للبحث عن اشخاص محافظين يبقون على كل شي بمستوى التمكن المألوف لديهم.
الغد