هل تعرّض فيروس كورونا لطفرة جعلته أقل خطورة؟
24-08-2020 09:39 PM
عمون - هل من الممكن أن يكون فيروس كورونا المستجد "سارس كوف 2″، المسؤول عن تفشي وباء مرض كوفيد-19 بأنحاء العالم، قد تعرض لتحولات جعلته أكثر قابلية للانتشار ولكن أقل خطورة؟
يقول الكاتب يان فيردو في تقرير نشرته صحيفة "ليزيكو" الفرنسية إن ثلاثا من أبرز المجلات العلمية في العالم، والمهتمة بدراسة الطفرات الجينية التي تؤثر على بروتين سبايك (Spike protein) الذي يستخدمه هذا الفيروس للدخول إلى الخلايا الإنسانية، كانت إجاباتها نعم.
وقال الكاتب إن هذه التطورات تمثل أخبارا إيجابية في مجال مكافحة كوفيد-19.
وبحسب بعض الدراسات، فإن فيروس كورونا قد تعرض إلى طفرة جينية جعلته معديا أكثر، ولكن في الوقت نفسه أفقدته تأثيراته المميتة.
ويضيف الكاتب أن ثلاث دراسات علمية على الأقل، منها واحدة نشرت في مجلة "سل" (Cell) المحكمة بتاريخ 3 يوليو/تموز الماضي، خرجت كلها بهذه الخلاصة المبشرة التي أعلنها رئيس الجمعية الدولية للأمراض المعدية بول تمبيا.
هذه الدراسة المنشورة في مجلة سل إلى جانب اثنتين من الدوريات العلمية بتاريخ 12 يونيو/حزيران و6 يوليو/تموز الماضيين، ترتكز على طفرة يشار إليها بالرمز "دي614جي" (D614G)، التي كثرت في الأشهر الأخيرة وأصبحت هي السمة السائدة في كامل أنحاء العالم.
والملاحظ أنه قبل تاريخ 1 مارس/آذار الماضي، كانت هذه الطفرة المسماة دي614جي حاضرة في 10% فقط من التحولات الجينية التي مرّ بها الفيروس عند مراقبته من قبل الباحثين.
تحولات جينية
ولكن بداية من ذلك الشهر، أصبحت هذه الطفرة حاضرة في 78% من التحولات الجينية.
هذه الطفرة تعتبر في غاية الأهمية لأنها أثرت على الجين المسمى سبايك، والبروتين الذي يحمل الاسم نفسه، وهو المسؤول عن تمركز الفيروس داخل مستقبلات "إيه سي إي-2" (ACE-2) في الخلايا البشرية.
ويؤكد الكاتب أن هذه التحولات جعلت فيروس كورونا قادرا على الانتشار بكثافة والتموقع داخل الخلايا، وهو ما أدى لتزايد نمط العدوى بشكل واضح، إلا أنها في الوقت نفسه خففت من أعراضه المرضية، أي قدرته على التأثير على جسم الإنسان. وهذا يعني بعبارات أوضح أن الفيروس أصبح ينتشر بشكل أسرع، ولكن يخلف أضرارا أقل.
أرقام غريبة
وبحسب البروفيسور باتريك بيرش، عضو الأكاديمية الفرنسية للطب والمدير السابق لمعهد باستور في مدينة ليل، فإن هذه الطفرة المسماة دي614جي، وانتشارها بهذا الشكل الغريب بين العينات الفيروسية التي تم فحصها، يمكن أن يفسرا الأرقام الغريبة نسبيا التي تم تسجيلها في الأسابيع الأخيرة في فرنسا، إذ إن أرقام المصابين شهدت ارتفاعا كبيرا، وفي المقابل فإن عدد من تم إدخالهم إلى المستشفى أو يرقدون في قسم الإنعاش لم يشهد أي ارتفاع يذكر. حيث إن عدد الفرنسيين الذين يتلقون العناية المركزة يوم 19 أغسطس/آب الحالي بلغ تقريبا 374، بعد أن كان يفوق 7 آلاف في ذروة الوباء.
ولكن يحذر الدكتور باتريك من ضرورة مواصلة توخي الحذر، رغم بوادر تراجع خطورة الفيروس. إذ إن هذا التفسير الذي ينبني على فرضية حدوث طفرة جينية يبقى في النهاية مجرد فرضية. وهنالك تفسير آخر لهذه الظاهرة هو أن الفيروس بات يتفشى بين فئات عمرية شابة، تمتلك القدرة على مواجهته.
انخفاض معدلات الوفاة
قال بول تامبيا، وهو استشاري كبير في جامعة سنغافورة الوطنية والرئيس المنتخب للجمعية الدولية للأمراض المعدية في تصريح لرويترز قبل أيام إن الدلائل تشير إلى أن انتشار طفرة دي614جي بأجزاء من العالم تزامن مع انخفاض معدلات الوفاة، مما يوحي بأن هذا التحور أقل فتكا.
وأضاف "ربما كان وجود فيروس أكثر عدوى لكن أقل فتكا شيئا جيدا". وتابع أن أغلب الفيروسات تصبح في العادة أقل فتكا لدى تحوّرها.
وتابع "من مصلحة الفيروس أن يُعدي المزيد من الناس لا أن يقتلهم، لأن الفيروس يعتمد على العائل في حصوله على الغذاء والمأوى".
وقالت منظمة الصحة العالمية إن العلماء اكتشفوا هذه الطفرة في فبراير/شباط الماضي مع انتشارها في أوروبا والأميركتين. وأضافت أنه ما من دليل على أن التحور أدى إلى مرض أكثر خطورة.
وكان المدير العام لوزارة الصحة الماليزية نور هشام عبد الله قد ناشد الجماهير -قبل أيام عدة- توخي قدر أكبر من الحذر بعدما رصدت السلطات في الآونة الأخيرة ما تعتقد أنها الطفرة الجديدة.
وقال سيباستيان مورير ستروه من وكالة العلوم والتكنولوجيا والأبحاث في سنغافورة، إن هذا التحور تم رصده في سنغافورة أيضا لكن تدابير الاحتواء منعت انتشاره على نحو كبير.
وقال نور هشام إن عدوى سلالة دي614جي التي تم رصدها في ماليزيا تزيد 10 مرات عما كان عليه الأمر قبل التحور، وإن اللقاحات الجاري تطويرها حاليا قد لا تكون فعالة مع هذه الطفرة.
لكن تامبيا ومورير ستروه قالا إن مثل هذه الطفرات لن تُغير الفيروس على الأرجح بالقدر الذي يجعل اللقاحات المحتملة أقل فاعلية.
المصدر : رويترز + ليزيكو