المستقبل المجهول للأراضي الزراعية
د. عاكف الزعبي
24-08-2020 04:48 PM
بحسب التعداد الزراعي عام 1997 تراجعت المساحات المستغلة بالزراعة (نباتي وحيواني) من 3,9 مليون دونم عام 1975 والى 3,06 مليون دونم عام 1997. أي ان 840 الف دونم خرجت من الزراعة خلال 22 عاماً وبمعدل 38 الف دونم سنوياً. ليس هذا وحسب حيث ضرب التفتت هذه الاراضي ايضاً مما رفع عدد الحيازات الزراعيه من 51 الف حيازة عام 1975 الى 88 الف حيازة عام 1997 وبمعدل زيادة لعدد الحائزين بلغ 1682 حائزاً سنوياً. وهذا ما قلص متوسط مساحة الحيازة الزراعية من 77 دونماً عام 1975 الى 34 دونماً عام 1997 بمعدل 2 دونم سنوياً. وهذا ما رفع نسبة الحيازات الصغيرة لتصل نسبة ما يقل منها عن 10 دونمات الى 35% من اجمالي الحيازات.
وبحسب التعداد الزراعي لعام 2017 تراجعت المساحات المستغلة بالزراعة (نباتي وحيواني) من 3,06 مليون دونم عام 1997 الى 2,8 مليون دونم عام 2017 مشيرة الى خروج 260 الف دونم خلال 22 عاماً وبمعدل 13 الف دونم سنوياً. كما استمر التفتت يضرب هذه الاراضي بحيث ارتفع عدد الحيازات في الفترة ذاتها من 88 الف حيازة الى 102 الف حيازة وبمعدل زيادة لعدد الحائزين بلغ 700 حائزاً سنوياً. وهذا ما قلص مساحة الحيازة في الفترة ذاتها من 34 دونماً الى 27 دونماً بمعدل 0,35 دونم سنوياً وهو ما رفع نسبة الحيازات الصغيرة لتصل نسبة ما يقل منها عن 11 دونماً الى 74% من اجمالي الحيازات.
لا اريد ان اشرح مضامين هذه الارقام فهي تتحدث عن نفسها بلغة بليغة. لكن ما اود أن اوضحه هو ما يعتقده البعض من ان التطور الهائل المنتظر في المديين القريب والمتوسط وخاصة مع انتشار الزراعة المائية (اكوابونيك) والزراعة العمودية والرقمية سوف لا يعود بنا حاجة للتوسع في الاراضي الزراعية ونصبح فى غنى عن زراعتها.
لكن الحقيقة هي غير ذلك تماماً، إذ ان ترك الاراضي دون زراعة سوف يعرضها الى التصحر والقضاء على التنوع الحيوي والتعرض لتداعيات بيئية خطيرة. ما يعني ان علينا ان نرعى اراضي المراعي ونطور المراعي فيها، وكذلك نفعل مع قطاع الحراج (الغابات)، وما تبقى من اراضي متاحة للزراعة وغير مستغلة علينا زراعة كل ما نستطيع منها حسب الامطار وخصائص الاتربة وطبيعة الاجواء بالشعير مثلاً وحتى بالاشجار الحرجية والنباتات الرعوية إذا لزم الأمر حماية لها من التصحر خاصة وان الاراضي الجافة وشبه الجافة ذات الامطار السنوية اقل من 200 ملم تمثل 80% من مساحة المملكة.
فالزراعة احياء للارض، وهي عمل دائم، ولا يقتصر دورها على توفير الغذاء على اهميته، واذا ما واجهنا تحدي توفير الغاء بأقل مساحة ارضية ممكنة بسبب التقدم التنولوجي الهائل، فإنه سيواجهنا تحدٍ من نوع آخر وهو التحدي البيئي الخطير لنحو 80% من اراضي المملكة (70 مليون دونم) التي تحتاج الى الجهد الزراعي السريع والمخطط والمميز وإلاّ اصابها التصحر وربما اصبحت بعد خمسين سنة غير صالحة للزراعة (الدرجة 6 على التصنيف العالمي للأراضي) لتتحول الى صحراء قاحلة تترك اثاراً مقلقة على المناخ والبيئة وحياة الانسان.