بلغنا من العمر الكثير والحمدلله , وشهدنا على مر السنين في هذه الدنيا الغرور الكثير الكثير أيضا, جلنا فيها كثيرا صوب مطالع الشمس ومغاربها وعايشنا قليلا وكثيرا شعوبا عديدة وتعرفنا على حضارات وأنماط حياة شتى.
خرجنا من كل ذلك بحكمة الحكم التي تقول "رأس الحكمة مخافة الله" فمن خشي الرحمن بالغيب فقد فاز, ومن قارب "العفة" في القول والعمل ما إستطاع إلى ذلك سبيلا, فأجره على الله, ومن جنح عن جادة الصواب فعقابه على الله جل في علاه دنيا وآخرة.
وبعد: كان "العرش الأردني الهاشمي" العتيد ويبقى بإذن الله, ذا خصوصية مستقلة عن كل ما هو سواها من عروش وقصور حكم ملكي وجمهوري في هذا العالم.
هي خصوصية أدركها الأردنيون والعرب والمسلمون في سائر بقاع المعمورة منذ نشأة الدولة الأردنية قبل مائة عام, وجسدها الهاشميون جميعا صغيرا وكبيرا حالة خاصة إستقطبت ليس تقدير وإحترام الأردنيين كابرا عن عن كابر وحسب, وإنما تقدير وإحترام العالم كله, فالملك الهاشمي الجالس على العرش, غدا رمزا لا بل وعنوانا ومرجعا في ذهنية دوائر النفوذ على إمتداد الكوكب.
هي خصوصية أردنية هاشمية إلتف الأردنيون حولها بصلابة لا حدود لها ولا مثيل, وقابلها الهاشميون بمثلها قربا من الشعب وإلتصاقا بالوطن, فتشكلت حالة فريدة في نمط الحكم والعلاقة بين الشعب والتاج, وعلى نحو غدا معه الأردن البسيط حجما وشعبا ومقدرات, درة في جبين الشرق كله, يبغبطه من يغبطه, يحسده من يحسده, يحبه من يحبه, ويغار منه الكثيرون لعظمة ما أنجز مادة ومعنى على حد سواء , فالملك الجالس على العرش "شيخ ورمز ومرجع" وفي نظر قادة أكبر دول العالم وأكثرها نفوذا, ولهذا خرجنا من كل المصائب سالمين.
صمد الأردن مملكة أردنية هاشمية برغم تواضع قدراتها المادية وكثرة ما واجهت من حروب ونكبات ومؤامرات ومحاولات بائسة من قريب وبعيد, وظل " العدو " الصهيوني يخشى الأردن , والأردن تحديدا أكثر من سائر من هم سواه , فقد خبر الأردن والأردنيين تاجا وشعبا وأدرك جيدا أن هؤلاء هم من يعنون ما يقولون حتى وهم صامتون وأن جانبهم لا يهون.
هذا هو الأردن الذي عرفناه وعشناه وخبرته الدنيا بأسرها, وهذا هو الأردن الذي يجب ويجب ويجب أن نصونه وجميعا من كل عبث وجنوح عن جادة الصواب ومن جانب أي كان وتحت وطأة أية ذريعة.
نعم , هذا هو الأردن الأمانة في أعناق الجميع , هو وطن خلق ليكون "عائلة كبيرة" يقودها نحو الخير ملك هاشمي كريم يلتف حوله شعب كريم همه الأول قوة العائلة وصلابة التاج. شعب يقول الحق وبعفة في الكلمة ويجادل وبالحسنى, وملك رائد يسمع ويراقب ويسهر على تحقيق طموح الشعب وتطلعاته, تجسيدا حقيقيا لمبدأ أننا ومعا عائلة تداري عوراتها إن وجدت, وتعالج هفوات أي فرد فيها داخل البيت لا عبر الأثير.
هذا هو الأردن, عماده شعب حر حسن النية طيب القلب يلوذ حياء ولو كان عاتبا أو حتى غاضبا, لحظة يظهر الملك في المشهد, فللملك, بالغ الإحترام, بإعتباره الأب والسند وكبير العائلة, وعدته ملك هاشمي يعود نسبا إلى أشرف نسب, وليس لأردني أن يحيد عن الإنحناء شموخا لا ذلا لا قدر الله, إحتراما وتقديرا ومودة للملك.
ختاما، المملكة الأردنية الهاشمية أقوى دولة في الإقليم كله, ليس بقوة إقتصادها وسلاحها ومواردها, وإنما بما هو أقوى من ذلك بكثير، وهو "خصوصيتها" التاريخية التي باتت اليوم وفي هذا الزمان المضطرب إقليميا وعربيا وعالميا, تستوجب منا وحفاظا على عائلتنا وصلابة وطننا, أن نلتقي وأن نجلس ونتشاور ونتحاور وبكل الصراحة والوضوح في كل ما يعزز أركان مسيرة بلدنا في ظلال الراية الأردنية الهاشمية, وبعفة الكلمة وسمو النظرة والتسامي فوق الأحقاد وما كانت يوما من شيمنا أبدا, وبالترفع عن غث الكلم ودونية الطرح وتصيد الخطأ, والإنزلاق صوب ما يعيب منطق الرجال.
الأردن شامة على هامة عز أردنية هاشمية يسطع تألقها في كل الأرجاء إذا ما راجعنا العقول وتوقفنا عن التناوش بالإتهامات والملامات التي فائدة منها ترجى, وتوجهنا نحو العرش والملك بنصيحة المحب ومشورة رجال الدولة لا رجال الجولة الباحثين وسط الزحام عن مغنم... عندها, وعندها فقط, سيستقيم حالنا بعون الله, وعلى قاعدة أن العرش الهاشمي ضمانة قوة وضامن وحدة وواسط بيت يجب أن يبقى قويا مهما واجهنا من مصاعب ومصائب وتحديات وما أكثرها في هذا الزمان.
الأردن سلاحه شعبه وعتاده عرشه، ولا إنفكاك بينهما. الله من وراء قصدي.