اكتئاب الأطفال .. الأنواع والعلامات وخطوات الحماية
23-08-2020 09:10 PM
عمون - قد لا يتصور البعض أن الاكتئاب يضرب نفوس الأطفال مثل الكبار تماما، لكن الفرق أن الصغار لا يعرفون ماهية ما يشعرون به ولا كيف يعبرون عنه لذويهم، وبالتالي لا يطلبون المساعدة، كما أن الآباء لا يدركون حقيقة ما يمر به أطفالهم، فليس معتادا أن نسمع عن إصابة طفل بحالة اكتئاب.
ومن المهم التفريق بين الكآبة الطبيعية والعواطف اليومية التي تحدث مع نمو الطفل، والاكتئاب المرضي، إذ إن كليهما يشتركان في أن الطفل يبدو حزينًا، لكن الفرق أن الأخير يستمر لفترة أو يتعارض مع الأنشطة الاجتماعية المعتادة والاهتمامات والعمل المدرسي أو الحياة الأسرية، ما يشير إلى أن صاحبه مصاب بمرض نفسي.
ووفقا لموقع "كيدز هيلث" KidsHealth، فإن الأطفال عندما يصابون بالاكتئاب يصعب عليهم بذل أي جهد حتى عند فعل أشياء كانوا يستمتعون بها، كما يجعلهم يشعرون بأنهم لا قيمة لهم أو مرفوضون أو غير محبوبين، فضلا عن تضخيم الشعور بالمشاكل اليومية، وفي النهاية عندما يكون الألم النفسي شديدا قد يدفع الأطفال إلى التفكير في إيذاء النفس أو الانتحار.
العنف الأسري
لدكتور محمد هاني، استشاري الصحة النفسية وتعديل سلوك الأطفال في مصر، قال إن اكتئاب الطفل له عدة أسباب على رأسها معاملة الأسرة وتصرفات الأم بانفعال معه وإهمال الوالدين له، ما يجعل الصغير يشعر بالعزلة ومن ثم يصاب بأمراض نفسية منها الاكتئاب.
وأوضح هاني لـ"العين الإخبارية"، أن انفصال الوالدين وفقدان الابن لوجود أحدهما أو نشوب خلافات بينهما عامل مهم في إصابة الطفل بالاكتئاب، فضلا عن التفاوت في القدرات الفردية وعدم احترام الوالدين لذلك ومقارنة الصغير بأقرنائه، إلى جانب الخوف المرضي والتدليل الزائد الذي يضعف قدرته على تكوين علاقات اجتماعية وبالتالي ينعزل ويصاب باكتئاب.
وحذر الطبيب المختص من الاستخدام المفرط للألعاب الإلكترونية، خصوصا ألعاب العنف، إذ تصيب الطفل بالاكتئاب نتيجة تقمص الشخصيات الموجودة في العالم الافتراضي التي لا يجدها في الواقع.وقال: "الدراسات أثبتت أن استخدام الصغار الألعاب الإلكترونية أكثر من 35 ساعة أسبوعيا يصيبه بالاكتئاب".
أيضا حذر من المعاملة العنيفة داخل الأسرة، التي ترتكز على الضرب والإهانة والتقليل من شأن الطفل وعدم إبراز دوره واستيعاب تصرفاته وتحجيم حريته؛ لما لها من مردود سيئ على نفسيته ودفعه للإصابة باكتئاب.
الميل للانتحار
وأوضح أن هناك علامات تشير لإصابة الطفل بالاكتئاب، منها ميله للبكاء والصراخ وعدم قدرته على تكوين علاقات اجتماعية وإثبات ذاته وحب العزلة وشعوره الدائم بالكسل والخمول والتأخر الذهني والضعف الدراسي والحساسية المفرطة واضطرابات النوم والأكل والأرق.
استشاري تعديل سلوك الأطفال قسّم علامات الاكتئاب الشديد لجزئين، الأول يصيب الصغار أقل من 6 سنوات ويشمل البكاء والصراخ والعزلة والعدوانية والكره لأي طفل من سنه، والثاني يصيب الأطفال أكبر من 7 سنوات، إذ يتحول مع مشاهدة الألعاب الإلكترونية إلى أفكار انتحارية أو يجعل الطفل يتحول لشخص مؤذي سيكوباتي يضر نفسه والمحيطين به.
ونصح الوالدين بضرورة احتواء الصغار نفسيا خاصة حال الشعور بإصابتهم بأي مرض نفسي، والحديث معهم بكثرة وملاحظة تصرفاتهم وطريقة تعاملاتهم مع الآخرين وإشراكهم في مختلف المواقف، فضلا عن تقديم الحب والحنان واحتضانهم يوميا لمنحهم الشعور بالأمان والقرب، ومراعاة مستوى تفكيرهم ومحاولة مجاراته لمعرفة هل يعاني من خلل نفسي أم لا.
علامات واضحة
وفقا لموقع "كيدز هيلث"، يحدث الاكتئاب عند الأطفال بسبب مجموعة من العوامل التي تتعلق بالصحة الجسدية وأحداث الحياة والتاريخ العائلي والبيئة والضعف الوراثي والاضطراب البيوكيميائي.
وتختلف علامات الاكتئاب عند الأطفال، لكن الأعراض الأولية تدور حول الحزن والشعور باليأس وتغيرات الحالة المزاجية، وتضمن:
- الانفعال أو الغضب
- نوبات صخب أو بكاء
- استمرار مشاعر الحزن واليأس لأكثر من أسبوعين
- الانسحاب الاجتماعي
- زيادة الحساسية تجاه الرفض
- تغيرات في الشهية سواء زيادة أو نقصان
- تغييرات في النوم خاصة الأرق أو النوم المفرط
- الشكاوى الجسدية التي لا تستجيب للعلاج مثل آلام المعدة والصداع
- انخفاض القدرة على العمل داخل المنزل أو ممارسة الأنشطة المدرسية أو مع الأصدقاء
- الشعور بانعدام القيمة أو الذنب
- ضعف في التفكير أو التركيز
- خواطر الموت أو الانتحار
من المهم إدراك أن أغلب المصابين بالاكتئاب لا يعانون من جميع هذه الأعراض، وأيضا قد يستمر بعضهم في العمل بشكل جيد في بيئات منظمة، لكن معظمهم يعانون من تغيير ملحوظ في الأنشطة الاجتماعية، أو فقدان الاهتمام بالمدرسة وضعف الأداء الأكاديمي، أو تغيير في المظهر.
وذكر الموقع أن في حالات الاكتئاب الشديد قد يتعاطى الأطفال المخدرات أو الكحول خاصة من تخطى سن 12 عامًا، وأيضا قد يحاول الصغار الانتحار وهم يفعلون ذلك باندفاع عندما يكونون مستائين أو غاضبين.
أنواع الاكتئاب
وفقا لموقع "ويب ميد" (Webmd)، فإن الأطباء وخبراء الصحة العقلية يستخدمون عند تشخيص الاكتئاب فئات مختلفة لديهم جميعا مزاجا مكتئبا كعرض رئيسي لكنهم يتطورون بطرق مختلفة، كالتالي:
- الاكتئاب الشديد
نوبة شديدة من الاكتئاب نشأت مؤخرًا واستمرت لمدة أسبوعين على الأقل.
- الاكتئاب المزمن (الجزئي)
اكتئاب أكثر اعتدالًا يتطور بشكل تدريجي ويستمر لمدة عامين أو أكثر.
- التكيف مع المزاج المكتئب
اكتئاب يتطور بعد حدث مزعج، أي شيء من كارثة طبيعية إلى وفاة في الأسرة.
- الاضطراب العاطفي الموسمي
نوع من الاكتئاب المرتبط بالتعرض للضوء، ويتطور عندما تكون ساعات النهار أقصر خلال أشهر الشتاء.
- الاكتئاب الهوسي
يعرف أيضا بـ"الاضطراب ثنائي القطب" وهي حالة تشمل نوبات من الاكتئاب الشديد، وفي أوقات أخرى نوبات الهوس (الارتفاعات العاطفية).
- عدم انتظام المزاج المضطرب
نمط من نوبات الغضب الشديدة والمتكررة التي تشمل العدوانية ومزاج من التهيج الذي يستمر لمدة عام على الأقل لدى طفل أكبر من 6 سنوات.
خطوات الحماية
الدكتور مارك رينيكي، الطبيب النفسي ومدير معهد عقل الطفل بمدينة سان فرانسيسكو، حدد في مقال منشور على موقع مؤسسة "تشايلد مايند" (Childmind)، 3 خطوات يجب على الآباء اتخاذها لحماية الأطفال من الاكتئاب، وهي:
1- الانتباه للعلامات
في حال استمرار علامات الاكتئاب أكثر من أسبوعين لا بد من التدخل الطبي، ويمكن لأفراد الأسرة التغاضي عن المزاج السيئ لأطفالهم إذا كان ذلك متغيرا بشكل يومي ولا يستمر لمدة طويلة.
2- تعزيز البيئة الأسرية
هذا التصرف يمنح الأطفال الارتياح لمشاركة أفكارهم ومشاعرهم، وينصح الوالدان بالجلوس مع أطفالهم واستكشاف أدائهم، والاستماع إليهم والتفاعل معهم دون الحكم عليهم.
3- خطوات ضرورية
إذا شعرت بميل طفلك إلى الاكتئاب، افعل الآتي:
- شجعه على الانخراط في الأنشطة التي تمنحه إحساسا بالإنجاز أو المتعة أو التواصل الاجتماعي حتى لو عبر تطبيقات الإنترنت.
- ساعده على تجنب المبالغة أو الهوس بمدى سوء الأمور، وأخبره أن الأزمة الحالية ستنتهي وستعود الأمور إلى طبيعتها.
- شجعه على التفكير في الأشياء التي يشعر بالامتنان لها والأفراد الذين يدينون لهم بالشكر.
- في حال استمر طفلك في إظهار أعراض الاكتئاب أو إظهار ميول انتحارية، لا تتهاون واطلب مساعدة احترافية من خلال اختصاصي.