عن التراجع في مهنة التعليم الجامعي
د. عاكف الزعبي
20-08-2020 11:55 AM
طالب متفوق بعلامة كاملة من احدى الكليات في واحدة من الجامعات الاردنيه ، لم يكن في استطاعة والده ان يرسله لتحصيل درجة الماجستير في احدى الجامعات الغربيه كما كانت رغبته ، اقترح عليه والده ان ينتظر ابتعاث جامعته له خاصة وان ذلك يضمن له ان يعود مدرساً فيها .
كان جواب الشاب صادماً لوالده ، عندما قال له انه لم يجد في طبيعة ومستوى الحياة الجامعيه ما ترك في نفسه الرغبة في العمل مدرساً في الجامعه . كما انه وهذا هو الاهم لم يجد من بين معظم من درسوه في الجامعه من قدم له المثال أو النموذج الذي يحفزه لأن يتمثل به ويجعل من التدريس الجامعي طموحاً له في المستقبل . وقد أرجع ذلك لغياب الكاريزما لدى البعض منهم ، أو لعدم شعور بعضهم بالمسؤولية الكاملة تجاه واجبهم البحثي والتدريسي ، او لمسلك بعضهم الآخر في معاملتهم غير المتساوية بين الطلاب ، أو لتذمر غالبيتهم وعدم رضاهم عن ادارة الجامعة وأوضاع الحياة الجامعيه .
الاستاذ في الجامعة ليس مدرساً وحسب . هو اكثر من ذلك بكثير . هو موجه وصانع ثقافة ونموذج لطلابه في كل شيىء . ويفترض ان يكون صاحب حضور في عقولهم ونفوسهم ، وعلى وعي كامل باهمية وخطورة مسؤولياته تجاههم ، ومستعد للمساهمة في تجويد الحياة والادارة الجامعيه بدلاً عن الاكتفاء بنقدها والتذمر منها .
ليس كل من حصل على شهادة عليا يصلح لان يكون مدرساً ( حتى لا نقول استاذاً أو معلماً بما تعنيه كلمتي استاذ ومعلم من معنى ) . فالتدريس مهارة لا يتقنها كل حامل شهادة عليا . حقيقة ينبغي ان نتعلم منها ضرورة اعداد كل من ينخرط في سلك التعليم العالي بدورات تدريبية ، مع ضرورة تعريضه لتجارب عمليه بالاضافه إلى وجوب تقييم ادائه بين فترة واخرى .
المدرس في الجامعه ركن اساسي في نسيج الحياة الجامعيه ، ومصدر للعلم والمعرفة لطلابه وللمجتمع ، ومرجع للبحث العلمي ، وقدوة لمن يدرسهم في القول والفعل .
صورة المدرس في الجامعة لا تعود لشخصه فقط بل هي من أولى مسؤوليات الجامعة أيضاً ممثلة بادارتها العليا ونهجها الاداري والقيم التي تحكم سيرعملها ومستوى ادائها لرسالتها .